القيارة .. هل اندمجت مع الفكر الداعشي؟

هيئة التحرير 8.9K مشاهدات1

القيارة

خاص : هشام الهاشمي

رائحة الكبريت, عيون المياه الساخنة, ابار نفط وقار, عشائر تأبى ان تلبس ثوب داعش, عادات وتقاليد موصلية ضاربة في عمق الزمن لم تغيرها ما تم فرضه من لبس او مظاهر داعشية … انها القيارة… احدى نواحي مدينة الموصل، التابعة إلى محافظة نينوى. وتقع إلى جنوب محافظة نينوى بحوالي 60 كيلو متر. وتتالف من عدة قرى قريبة عليها ،اشهرها قرى الحود، لزاكة، الزاوية،اركبة جدعة,اركبة شرقي .والى الجنوب من مدينة القيارة بحوالي 40 كيلو متر تقع قلعة آشور الشهيرة، الموجودة اثارها إلى الآن في قضاء الشرقاط التابع إلى محافظة صلاح الدين.

القيارة مقر القيادة والسيطرة الرئيسي لولاية دجلة في جنوب الموصل، داعش فتحت الباب أمام الوجود الكثيف للمهاجرين من جيش دابق، وخاصة كتيبة الصارم البتار(وهم خليط من شمال أفريقيا وشرق سورية والقليل من الخلايجة)، الذين يعدون من اكثر المقاتلين ولاء لهم.

وهذا التركيز في تواجد الاجانب ذوي الولاء المطلق في القيارة نابع من عدة عوامل اساسين اهمها الموقع الإستراتيجي للناحية من حيث جود مانع طبيعي متمثلا بنهر دجلة والعامل الاخر هو بعدها التسبي عن مركز داعش وعاصمته المتمثلة بمدينة الموصل مما سيوفر له المزيد من فرص المناورة قبل معركة الموصل الفاصلة. العامل الثالث وهو الاهم والاكثر تسبباً بالقلق لقيادات داعش وهو أن عشيرة الجبور لا أمان  منهم (حسب المفهوم الداعشي) والتي كانت موالية للحكومة والعمل السياسي في القيارة قبل أن تسقط نينوى إضافة الى ما تحتويه القيارة من آبار نفط مهمة ومصفاة قديمة ومخازن سلاح ومعسكرات واحياء سكانية واسعة عامرة بالأهالي، يمكن استعمالها كدروع بشرية.

في الجهة المفابلة تعتبر القيارة اهم وابرز الاهداف في المرحلة الحالية بعد حسم معركة سنجار، حيث ستكون القيارة منطقة هشة يمكن تحريرها بالتعاون مع اهلها و هي بوابة تحرير الموصل.

سجل مدونوا نينوى أن الوجود العسكري والأمني لداعش لم يكن كافيًا لإحداث التغيير الاجتماعي والثقافي لدى أهالي مدن وقرى جنوب نينوى بشكل عام والقيارة بشكل خاص ، ولم يؤمن الا القليل من الأهالي بهؤلاء الذين جاءوا في ركب داعش، وعملوا في خدمتها، حسبما كتبه المدونون عن “المنافقين والتكفيرين” الذين انظموا لداعش لحاجات مالية اولتقارب بالافكار التكفيرية، وقد ظهرت هناك عمليات ثأر عشائرية تسببت بمنازعات واقتتال بينهم.

وما كتبه المدونون عن سياسة داعش وتطرفها ضد من لم يبايع من الأهالي هو الكثير، وما خلفوه من اساءات واضطهادات وإعدامات تمثل أهمها في مدينة القيارة نفسها.

اضافة الى ان داعش حاولت كثيراً تغيير عادات وتقاليد أهالي القيارة إلى سمات داعشية في الملبس والتدين والسلوك الشعبي، وما يرتبط بها من تقاليد وممارسات لكن أهم ما يلفت النظر أنه لا تفاعل حقيقي بين الدواعش الأجانب “المهاجرين” والعراقيين “الانصار”، ولأن وجود عشيرة الجبور الكثيف في جنوب نينوى مهّد السبيل إلى أن لا تكون تلك المدن والقصبات مستقراً  المهاجرين من عامة داعش ومن كبارهم على السواء.

وإذا كان التراث الشعبي الموصلي الأدبي قد تجاهل الدواعش، فإن الثقافة الشعبية لقرى ومدن جنوب نينوى حافظت لنا على الكثير من مفردات العادات والتقاليد الموصلية الأصيلة. وهو ما يعني، في التحليل أنعدام التفاعلات على مستوى العلاقات بين الأهالي الموصليين وبين الدواعش المهاجرين.

 

ان قرب اوان المعركة الحاسمة لتحرير نينوى يجب ان يضع في باله المتغيرات والمعطيات الواردة اعلاه لكي تكون المعركة خاطفة وتعجل من فصل داعش عن المحيط العشائري الذي حاولت غرس نفسها فيه وابى جسد المجتمع إلا ان يعتبرها سرطاناً فيه.

 

 

تعليقات (1)

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: