قوانين عرض الحائط .. حال السيارات الحكومية في العراق

هيئة التحرير 8.1K مشاهدات0

سيارات حكومية

الساعة السادسة  والنصف من مساء يوم الاربعاء الماضي توقفت سيارة حكومية امام احد المحال التجارية في منطقة الوزيرية، نزل منها  ثلاثة اطفال بالاضافة الى سيدة أنيقة . في حين كان سائق المركبة جالساً في السيارة، اقتربت من السيارة  واذا بي  ارى صديقا قديما من المنطقة (السائق) والمعروف بـ(أبي حسام.) تبادلنا التحية والسلام والسؤال ، تساءلت عن سبب الوقوف امام هذا المحل. اجابني “ان زوجة المدير ومعها العائلة تقوم بالتبضع وانا بالانتظار .” عاودت سؤاله “انها الساعة السادسة والنصف وغداً عطلة رسيمة ،مثلما اعلنت ذلك الحكومة بمناسبة اعياد راس السنة، فكيف هذا ؟” اجابني بضحكة “يمعود يخابرني المدير الجمعة الصبح وانروح نكضي شغلاتة.” هذا المشهد دفعني للتساؤل وطرح العديد من علامات الاستفهام حول استخدام العجلات الحكومية بعد انتهاء أوقات الدوام الرسمي لمن هم في مناصب ادارية عليا. خاصة ان اغلبهم يملك سيارات شخصية حديثة او ان بإمكانه شراءها.
جرائم السيارات الحكومية
العميد  المتقاعد الحقوقي (رياض عبد الحسين النعمان) يقول :”عندما وضعت الحكومة  في ميزانيتها تأمين مبالغ لسيارات حكومية  كالوقود والصيانة والساعات الاضافية للسائق الحكومي فذلك لكي  يتم استخدامهما في المهام الرسمية والحكومية خلال وقت الدوام الرسمي وبعد الدوام الرسمي ان وجدت واجبات مهمة لذلك.” مستدركا: “لكنها للاسف تستخدم لقضاء بعض الاغراض الشخصية خاصة بعد الدوام الرسمي.” مبينا: “انها اصبحت ظاهرة ولابد من من اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل الجهات الأمنية وبدون تردد.”
واضاف النعمان: “الكثير من الجرائم تشير الى استخدام العجلات الحكومية في حالات الخطف وغيرها من الجرائم المثبتة في سجلات القضاء.” داعيا الى “وقفة جادة وقرار جريء يتم فية إلقاء القبض على سائق المركبة واحالتة الى القضاء بتهمة هدر المال العام وتشديد العقوبات القانونية كي نحفظ للدولة هيبتها.” مشددا ان ” الامر وصل الى  استخدام السيارات الحكومية حتى من قبل الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية  بشكل عام وحتى ابناء الموظفين.”

 سيارت الصالون
(مرتضى حسين) ،  موظف في وزارة الصحة ، يقول أن معظم السيارت الحكومية التي تستخدم بعد الدوام الرسمي هي سيارات الصالون التي تخصص لمدراء الاقسام فصاعدا. مبينا: ان هذه السيارات مخصصة مع سائق لنقل المدير من والى الدائرة والبيت حصرا. لكنها تبقى تحت تصرف السائق او المدير على مدار (24) ساعة.
واوضح مرتضى:  بالرغم من تحديد سعر ثابت لوقود السيارة في ظل الوضع المالي للدولة الا أن التصليح يأخذ جزءا كبيرا من ميزانية الدائرة. منوها: ان لكل وزارة الكثير من المشاكل في هذا الخصوص. متسائلا عن عدم تطبيق القانون لاسيما أن معظم مناطق بغداد والمحافظات تنتشر فيها سيطرات أمنية مخولة لكن يبدو ان الحكومة غير جادة لوقف هذا الهدر بالمال العام.

مخصصة لرمي الأنقاض
في منطقة راغبة خاتون ، تقف سيارة حكومية نوع (بيك اب) بالقرب من شارع محمد القاسم ومعها عدد من الشباب يقومون بتفريغ السيارة من انقاض البناء وهي تحمل ارقاما حكومية . ولغرض المزحة قلت للسائق (عمي نيالك مدتفع اجرة) ، اجابني : “لا عمو انها سيارة جيرانّة وآني أبني غرفة لغرض الزواج وهو تكفل برفع الانقاض ورميها هنا كهدية منه لمناسبة زواجي وعونة.” حالة اخرى مشابهة مساء يوم 31/ 12 وتحديداً عند الساعة العاشرة والنصف عندما شاهدت سيارة (بيك اب دبل قمارة) يقودها شاب معه  عائلة تضم عددا من الاطفال والنساء وهي تجوب شارع فلسطين للاحتفال بأعياد رأس السنة.

السيطرات وأرقام العجلات
(مصطفى عبد الرزاق) ،  موظف في وزارة المالية  :  نرى يومياً  العديد من العجلات الحكومية والمعروفة من خلال لوحات تسجيل المركبات او عائدة لجهات اخرى تستخدم لاغراض شخصية بما فيها مركبات لاتحمل اساساً لوحات تسجيل. مستطردا: ان المركبات تمر من السيطرات بالرغم مما نسمع من تصريحات اعلامية في التلفاز وغيرها من حجز  اية مركبة لاتحمل ارقاما. لافتا الى ان بعض السيطرات ترفع لوحة اعلانية تشير الى منع مرور اية سيارة لاتحمل ارقاما لكن بمجرد اخراج الباج تمر السيارة. داعيا الجهات العليا والأمنية خصوصاً ومنها وزارة الداخلية الى ضرورة ان تقف بحسم أمام هذه التصرفات المقلقة للمواطن ومنها التصرف بالعجلات الحكومية بعد الدوام الرسمي او أثناء اوقات العمل.

فصل عشائري
المواطن (طالب شنتاغ) من سكنة بغداد الجديدة  :”حضرت قبل أكثر من شهر فصلا عشائريا في مدينة الصدر ، وعند وصولنا الى المكان المخصص ،اى الجادر او ما يعرف بـ(الخيمة)، شاهدت وجود أكثر من عشرين سيارة حكومية.” متابعا: من ذلك عرفت ان احد اطراف الخصوم يعمل موظفا في وزارة الصحة ، الامر الذى دعا فيه الاصدقاء من العاملين في نفس الدائرة للحضور الى هذا الفصل العشائري كي يثبت قوته أمامهم.

منع حركتها بعد الدوام
في حين أوعزت الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتفتيش العجلات العائدة للوزراء والمحافظين والمسؤولين في الدوائر الحكومية كافة، خصوصاً المظللة منها مهما كانت عائديتها. وكشفت وثيقة صادرة عن الامانة، أن التوجيه شمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات ومجالسها، بوضع ضوابط وآليات جديدة لحركة العجلات الحكومية. وجاء بالوثيقة ايضا أن التوجيه تضمن تحديد مستخدم واحد لكل عجلة مع تزويد مستخدمها ببطاقة عمل رسمية، وتقييد استخدامها ومنع حركتها بعد أوقات الدوام الرسمي لغاية الثامنة مساءً حفاظاً عليها، وتقليل استهلاك النفقات الخاصة بالوقود والصيانة . كما تضمنت الوثيقة أن تقييد حركة تلك العجلات يأتي ايضا لتخفيف الزحام المروري الناتج عن ازدحام الشارع بالآليات الحكومية، باستثناء عجلات المسؤولين العائدة إلى الدولة، مشددا على ضرورة احترام نقاط التفتيش وعدم التجاوز على منتسبيها كونهم يمثلون القانون ويعملون على خدمة المواطن.

رأي المرور العامة
بالرغم من المحاولات العديدة للحصول على إحصائية رسمية دقيقة تبين اعداد العجلات الحكومية المسجلة لدى دائرة المرور العامة ،ومنها تحديداً سيارات الصالون، لم نستطع الحصول على ارقام دقيقة . فيما اعتذرت دائرة المرور على تزويدنا بالاحصائية الرسمية لاسباب أمنية ، في حين تم الحصول على معلومة تشير الى أن هناك أكثر من (300) الف سيارة مسجلة في مديرية المرور تعود للدوائر الحكومية. المقدم (زياد محارب) اوضح ان جميع المركبات الحكومية تخضع للقوانين المرورية وتحاسب كأي سيارة كما انها تخضع للوائح وانظمة وقوانين المرور. مشيرا: ان هناك  مخالفات ترصد من قبل مفارز المرور وتحاسب بما فيها فرض الغرامات والحجز.
وبين محارب أن محاسبة استخدام السيارات الحكومية بعد الدوام الرسمي ليست من صلاحيتنا واننا لم نتسلم لحد الآن أية توجهيات أو تعلميات من عمليات بغداد تحدد فيها او تمنع الاستخدام بعد الدوام الرسمي. مضيفا: في حال اصدار تعلميات بهذا الخصوص ستصدر المرور العامة بيانا في هذا الموضوع ويكون تنفيذه وفقاً للوائح والقوانين المرورية.

تعليمات وزير الداخلية
المكتب الاعلامي لوزارة الداخلية بين أن الوزارة تشدد ،ومن خلال مفارزها المنتشرة في عموم البلاد، على التاكيد برصد السيارات الحكومية التي تعمل خارج اوقات الدوام الرسمي من خلال التأكد من  الاوراق الثبوتية وعائدية المركبة. موضحا:  ان كانت هناك مؤشرات فهي اصلاً مثبتة على نظام الحاسوب  والمجهزة لجميع السيطرات الحكومية ومنها المشتركة  لجميع المركبات الحكومية.واشار المكتب: الى أن تعلميات وزارة الداخلية وبإشراف مباشر من قبل الوزير تؤكد على تشكيل العديد من اللجان التفتيشية  والرصد  الميداني الخاصة في الوزارة والمديريات العامة في المحافظات لرصد جميع الحالات المخالفة للتعلميات. مبينا بالنص: (ان معالي وزير الداخلية يشرف وبشكل مباشر على جميع القضايا التى يتبين فيها ثبوت  استخدام احد المنتسبين العجلات الحكومية بعد الدوام الرسمي وبدون اذن رسمي وغيرها من السلوكيات غير المنضبطة للمنتسبين عموماً).
واضاف المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية: أن من واجب الوزارت والهيئات الحكومية ضرورة التشديد عل منتسبيها من خلال تعلميات تصدر توضح فيها آلية والتوقيتات المسموح بها استخدام المركبة خارج اوقات الدوام الرسمي. مبينا: ان هذا الامر يعد من الملفات الأمنية المهمة بالاضافة الى المحافظة على المال العام.

تكلف 150 مليار دينار !
عضو اللجنة المالية في مجلس النواب (مسعود رستم) ، سبق وان اعلن في تصريح صحفي ان نفقات سيارات أغلب مسؤولي الدولة تفوق رواتبهم، وان الحكومة يجب أن تلتفت إلى هذا البند الذي يكلف الخزانة العامة ما يقرب من 150 مليار دينار عراقي سنويا (نحو 130 مليون دولار). مضيفا: أن الاستقطاعات الأخيرة التي صوت عليها مجلس الوزراء بشأن رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والوزراء ومجلس النواب لا تعادل نفقات سيارات مسؤولي الدولة من مدراء عامين ومستشارين ووكلاء الوزراء.
وأوضح رستم أن بعض المدراء العامين لديه سبع سيارات. مشيرا إلى أن عديد السيارات الحكومية التي تعمل في خدمة مسؤولي الدولة يتجاوز (60) ألف سيارة تكلف الميزانية العامة للدولة وقودا بحدود (100) إلى (150) مليار دينار عراقي (87 إلى 130 مليون دولار).

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: