سفير أميركي: تحرير الرمادي فرصة لكسب ودّ العرب السُّنة والأزمة المالية قـد تعرقل الإعمار
06/01/2016 1:41 ص 4.7K مشاهدات0

قال زلماي خليل زاده، السفير الأميركي الأسبق في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة، في مقال له نشرته صحيفة ناشونال إنترست الأميركية حول مواصلة الحرب ضد داعش بعد تحرير الرمادي، “إن كان التاريخ يعطي أي مؤشر، فإن أكثر الأخبار الواعدة القادمة من العراق يجب أن تستقبل بشيء من الحذر”.
وأضاف زاده أنه يمكن لتحرير مدينة الرمادي أن يعطي دروساً على المدى البعيد على طريق تحقيق إنجازات ستراتيجية في العراق، وفي إطار الحملة الأوسع ضد داعش.
ويتابع السفير الاميركي القول “فيما تعد استعادة الرمادي من قبضة داعش تطوراً إيجابياً، فإن ضبابية الحرب والتقارير الأولية أعطت صورة غير واضحة، حيث لا تتوفر معلومات دقيقة حول تواجد داعش في أنحاء عدة من المدينة، كما ليس من المعروف بعد متى سيتم تطهير جيوب داعش في الرمادي، ومن سوف يسيطر على المناطق المحررة، وما نوعية عملية إعادة البناء التي ستنفذ هناك”.
ورأى خليل زاده أن فشل الحكومة العراقية في إدارة الرمادي بعد تحريرها، قد يقود لعودة ظهور داعش. ويوضح أنه باستثاء تلك المحاذير، فإن للنجاح الأخير في الرمادي أهميته، وربما يؤشر لنقطة تحوّل في الحرب ضد داعش، إذ بعد انهيار الجيش العراقي في الموصل، استعادت قوات الأمن العراقية، وخاصة قواتها الخاصة، فاعليتها من حيث إعادة التنظيم والاحترافية القتالية، والاستعداد للقتال.
وبرغم أن الاستعداد للعملية تطلب وقتاً طويلاً، استطاعت القوات العراقية الخاصة، مدعومة بالجيش النظامي، وبقوة جوية اميركية، وقوات من العشائر السنّية دُرِّبت أخيراً، من التغلب على عدو تمرس في القتال في بيئة حضرية صعبة، وفيما تحققت إنجازات عسكرية سابقة ضد داعش، كتحرير مدينة تكريت، على يد ميليشيات شيعية مدعومة من إيران، كانت القوات العراقية هي التي حققت النصر في الرمادي، وطردت داعش من قلب المدينة.
ويقول خليل زاده إن عاملاً مشجعاً آخراً لعب دوره في طرد داعش من الرمادي، وقد تمثل في مشاركة مقاتلين عرب من السُّنة. فقد أدت السياسات الطائفية التي اتبعها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، لنزوع قسم من الطائفة السّنية نحو التطرف، واستغل داعش نقطة الضعف تلك، وادعى أنه يتحدث باسم الطائفة السنية في العراق وسوريا، برغم أن سلفه، القاعدة في العراق، انتهى من قبل على يد المقاتلين السنة أنفسهم في الأنبار والمناطق السنية العراقية، في عامي 2006 و2007.
وبرأي الكاتب فان تحرير الرمادي يقدم فرصة أخرى للحكومة العراقية لكسب ودِّ العرب السُّنة الذين نبذهم المالكي، وللمساعدة في دحر داعش من مناطقهم، ولا بد لتحقيق هذا الهدف من اتخاذ ثلاث خطوات مهمة.
ويقول الدبلوماسي الاميركي “لا بد من طرد داعش من جيوب ما زال يتحصن فيها داخل الرمادي وضواحيها، ويجب على الجيش العراقي وقوات سُنية محلية تنفيذ هذه المهمة بدعم جوي واستخباراتي من قوات التحالف، وإن ضمان عدم الإساءة للمدنيين، أو لممتلكاتهم، سوف يساعد في وقوف العراقيين السنة ضد داعش”.
ومن جهة ثانية، يقول خليل زاده بأنه “من واجب الحكومة العراقية وأبناء العشائر السنية المتحالفة معها المسارعة في تلبية احتياجات السكان الأمنية والإدارية والمعيشية، وهناك حاجة لتنفيذ عملية إعادة بناء من أجل كسب ثقة السكان، فقد أشارت تقارير إلى أن السخط الشديد من سياسات الحكومة المركزية العراقية في بغداد، قد لعب دوراً أساسياً في نهوض داعش في العراق”.
ومن الضروري أيضاً، برأي السفير الاميركي، ان تتوصل الحكومة العراقية إلى اتفاق حول المشاركة في السلطة وتقاسم الموارد بين مجالس المحافظات والحكومة المركزية في بغداد، حيث يجب أن تمنح قوات الأمن المحلية مسؤولية الحفاظ على الأمن إلى أقصى درجة ممكنة.
وفيما يقرُّ خليل زاده بصعوبة تحقيق تلك الأهداف في ظل الظروف الحالية مع تدني أسعار النفط، والمشاكل المالية التي تواجهها الحكومة، فإنه يرى بأن جانباً إيجابياً تمثل في استعداد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وعلى خلاف سلفه لتلبية المطالب السنية المشروعة.
ويقول السفير الاميركي الأسبق في العراق إنه “قد يواصل المتشددون الشيعة لعب دور للحيلولة من دون تنفيذ خطوات العبادي غير الطائفية، لكن كسب الثقة في قدرة الحكومة العراقية على تجاوز النعرات الطائفية سيمنح العبادي قدرة على مقاومة ضغوط المتشددين الشيعة”.
وتعد الرمادي، برأي الكاتب، حالة اختبار، وخاصة لمعارك قادمة من أجل تحرير الفلوجة والموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وإن استطاع التحالف والحكومة العراقية تطوير ستراتيجية منسقة لتعزيز الانتصار، وتحقيق تقدم بين في مجال إعادة البناء السياسي والاقتصادي، فإن قواعد اللعبة في الرمادي قد تصبح نموذجاً للتحرك قُدُماً ضد داعش في الموصل وفي سوريا.