باحثون واعلاميون يتباحثون حول معركة الموصل .. تعقيدات الحسم والسياسة
26/09/2016 11:30 ص 1.7K مشاهدات0

عقدت رابطة الإعلاميين العراقيين في الخارج، أولى ندواتها البحثية في إسطنبول، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمختصين والإعلاميين، تحت عنوان: "الموصل تعقيدات الحسم والسياسة".
ناقشت الندوة، في جلستين، جملة التحديات التي تواجه المحافظة بالتزامن مع العمليات العسكرية الجارية في محيط محافظة نينوى، إلى جانب الاستعدادات المتسارعة لمعركة استعادة مركز المدينة الموصل من سيطرة داعش الذي اتخذها عاصمة لدولته بعد أن سيطر عليها في يونيو/ حزيران 2014.
خصصت الجلسة الأولى للحديث عن واقع المدينة، حيث أسهب الباحث الموصلي وعد الله الدولة في الحديث عن المدينة وموقعها الجغرافي وأهميتها السياسية، والظروف التي أدت إلى سيطرة داعش عليها، والواقع الوليد بعد احتلال العراق عام 2003، خاتماً حديثه بالحديث عن مآلات العملية العسكرية وتداعياتها الإنسانية المحتملة.
وقد ناقش المشاركون المحاضر على مدى 20 دقيقة في ورقته البحثية، وتحدث عضو رابطة الإعلاميين العراقيين في الخارج، الصحافي المستقل محمد صادق أمين، في مداخلته قائلاً: "مدينة الموصل في تاريخها المكتوب؛ إذا ما تجاوزنا البعد التاريخي الموغل في القدم، وعلاقتها بمملكة آشور العظيمة، تعتبر خزاناً حضارياً وثقافياً للمنطقة؛ وللعراق الحديث، حيث ازدهرت فيها مفردات الثقافة والفكر"، مضيفاً أن "أهم ما يميز منتجها الحضاري جملة هو الاعتدال، فالمدينة لم تعرف أي نوع من أنواع التطرف، خصوصاً في الجانب الديني، فكبرى حركات الاعتدال في العالم الإسلامي، وهي الإخوان المسلمون، أسست في مدينة الموصل ثم انتشرت في أرجاء العراق".
وأضاف: "التطرف الذي جاء بعد احتلال العراق ممثلاً بتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، تطرف طارئ مستورد من خارج المدينة، فرض وجوده بقوة السلاح على أهلها، ومن خلال شبكة معقدة من التعقيدات المخابراتية التي تحيط بالمشهد العراقي عموماً والموصلي خصوصاً".
وعن التقاطعات السياسية وتعقيدات المشهد المحلي في المدينة تحدث الباحث والناشط السياسي الموصلي فواز الطيب، عن التركيبة الاجتماعية والسكانية للمدينة، التي انعكست على شكل حراك سياسي، مستعرضاً أهم الأحزاب وأبرز الإشكالات السياسية التي تعترض عملها قبل سقوط المدينة في قبضة داعش، معرجاً على التحدي السياسي الأبرز الذي يمكن أن يولد بعد تحريرها، داعياً إلى وحدة الصف، والتعالي على المصالح الجهوية والحزبية كسبيل لمداواة جراح سكان المدينة الذين أذاقهم التنظيم والحصار الدولي الويلات.
وافتتح الباحث والصحافي العراقي نظير الكندوري باب النقاش مع الباحث بالحديث عن فكرة إقليم الموصل، وإمكانية تحقق هذا الإقليم من الناحية السياسية، في ظل اعتراض إيراني واضح على فكرة إنشاء إقليم للسنة، وعدم توافق بين القوى السياسية المكونة للمدينة على الفكرة.
واعتبر الباحث أن فكرة الإقليم هي واحدة من الأفكار والحلول المطروحة للنقاش، ولا يمكن الجزم بأي حل في هذه المرحلة، معتبراً أن مرحلة ما بعد التحرير وما فيها من تداعيات ستكون ذات تأثير في تحديد بوصلة التوجه النهائي.
الندوة خصصت جلستها الثانية للحديث عن التداعيات العسكرية، والأبعاد الاستراتيجية للمعركة، في محورين؛ تحدث في الأول الخبير العسكري العميد الركن صبحي ناظم توفيق، وكان المحور الثاني من نصيب الصحافي التركي محمد زاهد جول، الذي تناول دور دول الإقليم في مجمل الحراكين السياسي والعسكري.
د.صبحي ناظم توفيق سجل اعتراضة ابتداءً على تسمية المعركة بـ"تحرير" الموصل، قائلاً: الأصح أن نقول "حرب" الموصل، لأنها لن تكون معركة سهلة، مثبتاً بالدليل السوقي أن المعركة ستطول وتكون حرب استنزاف طويلة الأمد.
وأشار في معرض حديثه إلى غياب الرؤية لدى المخطط العسكري العراقي، معتبراً أن البدء بمعارك أطراف الموصل خطأ سوقي، مشيراً إلى أن الأولى كان البدء بمعركة مركز محافظة نينوى الموصل، معللاً ذلك بكون داعش اتخذها عاصمة لدولته المزعومة، مشيراً إلى أن ذلك كان سيسرع من عملية إسقاط التنظيم.
وقد حظيت المحاضرة بالعديد من المداخلات من المشاركين في الندوة، وتساءل الصحافي الموصلي أحمد الملاح عن إمكانية محاصرة المدينة من المحور الغربي باتجاه سوريا، حيث يسيطر التنظيم على مدن كبرى منها تلعفر وبعاج، فيما تسيطر قوات البيشمركة الكردية على مدينة سنجار فقط.
وأكد الخبير العسكري، في معرض إجابته، صعوبة هذا الأمر، مشيراً إلى أن مدينة سنجار محاطة من ثلاث جهات بقوات يسيطر عليها داعش.
من جانبه تحدث الصحافي التركي محمد زاهد جول عن الظرف الإقليمي الذي يحيط بالعراق، وبمدينة الموصل على وجه التحديد، مشيراً إلى أن التدخل الإقليمي عقد المشهد العراقي، وجعل أذرع بعض دول الجوار تمتد لتفسد عملية التصالح المجتمعي داخل ثاني أكبر محافظة عراقية بعد العاصمة بغداد، وهو ما انعكس على المشهد السياسي، ومن ثم على الاستقطابات والتحالفات.
واستبعد جول فكرة التدخل التركي في مدينة الموصل على غرار ما حصل في عملية "درع الفرات"، مشيراً إلى أنها كانت عملية دفاع عن النفس، وعن مصالح الدولة والشعب التركي، والأمر مختلف في الموصل من وجهة نظره، غير أنه أكد أن تركيا صديق للشعب العراقي، ولها صلات مع مدينة الموصل وأهلها، وأنها ستقف إلى جانب أهل المدينة بكل ما يسعها من دعم ومساعدة.
وأجمع الحضور في الختام على أن المدينة مقبلة على تصعيد إنساني وسياسي، مع وجود أكثر من مليون مدني داخلها، وعدم تفاهم مكونات المحافظة وفصائلها على مشتركات لمصلحة المحافظة بسبب تقاطع المصالح الضيقة والجهوية.
تجدر الإشارة إلى أن رابطة الإعلاميين العراقيين في الخارج منظمة غير ربحية أسسها مجموعة من العراقيين المغتربين، وتعرف نفسها على موقعها الرسمي بالقول نحن: "إعلاميون عراقيون مغتربون نسعى لبناء منظومة إعلامية فاعلة تتفاعل مع قضايا العراق ومحيطه العربي".
المصدر: الخليج اونلاين