كيف سيسدد العراق فوائد قروض صندوق النقد الدولي؟

هيئة التحرير 2.1K مشاهدات0

 

  

بعد مفاوضات المرحلة الثانية بين الحكومة العراقيّة وصندوق النقد الدوليّ، والتي جرت في العاصمة الأردنيّة عمّان في 9 أيلول/سبتمبر الجاري، وأسفرت عن مواقفة صندوق النقد الدوليّ على منح قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار تأتي لمساعدة العراق لمعالجة العجز الكبير في موازنته الماليّة لعامي 2016 و2017 جرّاء انخفاض أسعار النفط، لا يزال الغموض يحيط بقيمة الفوائد المترتّبة على هذا القرض والشروط التي يفرضها الصندوق الدوليّ على الحكومة العراقيّة.

وكانت المرحلة الأولى من المفاوضات بدأت في 14 أيّار/مايو الماضي مع صندوق النقد الدوليّ لإقراض العراق حوالى 16 مليار دولار، على مراحل ولمدّة ثلاث سنوات. كانت الدفعة الأولى بقيمة 5,4 مليارات دولار، ووفقاً لحديث المستشار الاقتصاديّ للحكومة العراقيّة مظهر محمّد صالح خلال مشاركته في اجتماعات العراق مع بعثة صندوق النقد الدوليّ في العاصمة الأردنية عمّان، في 10 أيلول/سبتمبر الجاري، إنّ بعثة البنك الدوليّ المشاركة في الاجتماعات قدّمت رؤية تمويليّة لأغراض التنمية الاقتصاديّة في العراق لقرض ميسّر بنحو ثلاثة مليارات دولار تدفع على مراحل، بفائدة منخفضة جدّاً ومدّة سداد طويلة الأجل.

وأضاف صالح أنّ "البنك الدوليّ بيّن أنّ النشاطات التي يستهدفها القرض، تتمثّل في دعم الموازنة الاتّحاديّة، بما ينسجم مع مسارات الإصلاح الاقتصاديّ ووثيقة الإصلاح التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء".

لكنّ الحكومة لا تزال تتحفّظ على فوائد القرض الرسميّة، وشروط البنك الدوليّ وكلّ التفاصيل المعلنة تبدو غير دقيقة، كما يعتقد الخبير الاقتصاديّ الدكتور عبد الرحمن المشهداني الذي أوضح لـ"المونيتور" أنّه "في قوانين صندوق النقد الدوليّ المتعلّقة بالقروض، تبلغ الفوائد الأوليّة لأيّ قرض من 1,4 إلى 2,6 في المئة، لكنّها تتصاعد وتصل من 6 إلى 10 في المئة في الدفعات الثانية والثالثة، أمّا في ما يتعلّق بالشروط، فإنّها تختلف باختلاف الدولة الدائنة".

وبيّن المشهداني أنّه من بين شروط صندوق النقد الدوليّ تقليل النفقات التشغيليّة، وتقليل التعيينات الحكوميّة، وتطبيق شروط التقشّف، وتقليص الإنفاق الحكوميّ، وفي المقابل أعلنت الحكومة أنّها ستلتزم في توفير رواتب الموظّفين، وكذلك رواتب المتقاعدين وشبكات الرعاية الاجتماعيّة، الأمر الذي يتعارض وشروط تقليل الإنفاق.

ولعلّ تلك الشروط هي التي دفعت رئيس الوزراء حيدر العبادي في 6 أيلول/سبتمبر الجاري إلى اقتراح منح موظّفي الدولة إجازة خمس سنوات، وبرواتب اسميّة فقط. وذلك لتقليل النفقات ومعالجة العجز في موازنة العام المقبل، والذي من المتوقّع أن يصل إلى 18 مليار دولار، الأمر الذي عارضه بعض الكتل السياسيّة واللجان البرلمانيّة، وبينها اللجنة الماليّة البرلمانيّة التي لا تزال تطالب الحكومة بعرض شروط قرض صندوق النقد الدوليّ على البرلمان. وقال النائب عن اللجنة الماليّة سرحان أحمد لـ"المونيتور": "بحسب المعلومات المتوافرة للّجنة الماليّة، فإنّ فكرة مجلس الوزراء بمنح موظّفي الدولة إجازة خمس سنوات تأتي في إطار تنفيذ شروط صندوق النقد الدوليّ، الأمر الذي سنعارضه ونقف ضدّه، لأنّه يهدّد شريحة الموظّفين الواسعة".

وبيّن أحمد أنّ "البرلمان أعطى الحكومة صلاحيّات إبرام الاتّفاقات والقروض لمعالجة النقص والعجز في موزانة الدولة، لكنّ ذلك لا يعني عدم عرض تفاصيل القروض التي تكون على شكل اتّفاقات دوليّة، على السلطة التشريعيّة لمناقشتها ومعرفة تداعياتها، وإنّنا في انتظار معرفة تفاصيل قرض صندوق النقد الدوليّ". وبحسب النائب أحمد، فإنّ موازنة العام المقبل ستبلغ نحو 82 مليار دولار، بسعر احتساب 40 دولاراً لبرميل النفط، وبعجز يصل إلى 18 مليار دولار.

 

لكنّ رئيس اللجنة الماليّة في البرلمان أحمد الكناني كان قد اعتبر في 2 أيلول/سبتمبر الجاري أنّ حلول مواجهة الأزمة الاقتصاديّة في العراق تنحصر في ارتفاع اسعار النفط أو الاقتراض، ولا يوجد حلّ آخر. وقال الكناني في تصريح إلى وكالة "موازين" إنّ "قرض البنك الدوليّ سيساعد في حلّ جزء من أزمة الموازنة حتّى نهاية العام"، ممّا يعني غياب الاتّفاق بين الأطراف السياسيّة وبين الحكومة والبرلمان، على طريقة مواجهة الأزمة الماليّة، وحلّ مشكلة العجز في الموازنات، في ظلّ الانخفاض المستمرّ لأسعار النفط، على الرغم من تقديم رئيس الوزراء العبادي مشروع إصلاح اقتصاديّ أعلن الاتّفاق عليه مع وفد إقليم حكومة كردستان (31 كانون الثاني/يناير 2016)، هدفه تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطنيّ وتعظيم الموارد الأخرى، لا سيّما الالتزام التامّ بجباية التعرفة الجمركيّة، وضريبة الدخل، باعتبارها موارد ماليّة للحكومة الاتّحاديّة يعود نفعها إلى الإقليم والمحافظات على حدّ سواء.

 

وما يعزّز المخاوف من وجود شروط أخرى غير معلنة لصندوق النقد الدوليّ مقابل القروض التي يقدّمها إلى العراق، هو تأخّر الحكومة العراقيّة في التوجّه إلى البرلمان، وعرض تفاصيل القروض، على الرغم من كثرة التكهّنات التي تطلقها الأطراف البرلمانيّة التي تعتقد أنّ القروض ستؤدّي إلى فرض شروط قاسية تؤثّر على المواطن البسيط، وتتسبّب في استقطاع رواتب الموظّفين وإلغاء البطاقة التموينيّة. في حين أنّ هناك أطرافاً تؤيّد توجّه الحكومة نحو الاقتراض الخارجيّ، وتنفي وجود ضرر مباشر على المواطن، وتؤكّد أنّ شروط قروض البنك الدوليّ وفوائده بسيطة.

 

وأخيراً، إنّ الأشهر المقبلة ستكشف بالضرورة الإصلاحات أو الشروط التي فرضها البنك الدوليّ على العراق، وحتّى حجم الفوائد التي ستدفعها الحكومة العراقيّة مقابل تلك القروض، مستغلّة قانون الموازنة الماليّة الذي أتاح لها (الحكومة) عقد الاتّفاقات والاقتراض من دون الرجوع إلى البرلمان.

المصدر: المونيتور

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: