ماوراء اقالة وزير المالية .. الاسباب والمداولات
25/09/2016 9:53 ص 1.9K مشاهدات0

يبدو أن الدبلوماسية التي كان يتمتع بها وزير الخارجية السابق وحنكته في إدارة الأزمات الخارجية لم تشفع له وسقط في أول اختبار داخلي تحت قبة البرلمان، عندما لم يقنع أعضاء مجلس النواب في إجاباته على أسئلة المستجوب النائب هيثم الجبوري الذي كان يبدو أكثر ثقة وتفاؤلا في قدرته وقناعته بأنه يملك من الأدلة والوثائق ما تثبت تورط الوزير في ملفات فساد أو فشل في إدارته لوزارة المالية.
وبعد رحلة مع الترقب والانتظار والتكشيك في كيفية انتهاء سيناريو الإطاحة أو سحب الثقة من عدمها مع وزير كان يعتبر من أركان العملية السياسية بعد 2003 ومنظريها ومن صقور التحالف الكردستاني، جاءت النتائج غير المتوقعة مع أكثر الناس تشاؤما في عدم قدرة مجلس النواب على سحب الثقة عن وزير المالية لأسباب كثيرة قد نأتي على ذكرها لاحقا، لكن ما نستطيع أن نقوله إن ما جرى اليوم بغض النظر عن كل ما أحيط من تشكيك إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية والممارسة الديمقراطية والمهنية ومحاسبة المقصر والمفسد وممن اغتنى أو استخدم منصبه لأغراض خاصة أيا كان عنوانه ومركزه بأننا وضعنا أول خطوة أمام الإصلاح الحقيقي لعملية كانت وما زالت عرجاء في كل مقاييسها.
نعود إلى الأسباب الحقيقية التي أطاحت برأس وزير بحجم وثقل هوشيار زيباري مع كتلة سياسية كنا إلى قبل يوم من سحب الثقة نعتقد أنها سوف تمارس كل أنواع الضغط والتوافقات والتنازلات مع الشركاء الباقين من أجل الحفاظ على ماء وجه التحالف الكردستاني أو على الأقل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه زيباري، لكن السبب أو القشة التي قصمت ظهر البعير هو الانشقاق داخل التحالف الكردستاني نفسه جاء أولا، ومثلما كان اتحاد القوى أو العرب السنة سببا في الإطاحة بوزيري الدفاع العبيدي في تشتتهم وانشقاقهم، لعبت الخلافات داخل البيت الكردي ذات المسببات إن لم نقل كانت العامل الأبرز، فالخلافات الكبيرة والقطيعة المستمرة بين الاتحاد الكردستاني والتغيير من جهة والحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني من جهة أخرى، مع الاتحاد وكتلة التغيير والتحالف الوطني وخاصة دولة القانون المعروفة خلافاتها مع رئاسة الإقليم وكذلك اتهامها بأنها وراء تحريك جبهة الإصلاح، كل ذلك كان واضحا في عدم تمسك الأكراد بالدفاع عن هوشيار الذي يبدو هو الآخر راح ضحية الخلافات الكردية الكردية التي يبدو أن 28 نائباً وهم يمثلون الاتحاد والتغييرهم مع سحب الثقة وهنا تخلخل البيت الكردي تماما.
من جهة أخرى فإن إقالة وزير الدفاع العبيدي كانت دافعا مهما وقويا أمام استمرار النواب في ممارسة عمليات الاستجواب أو كما يتهمون بالتسقيط الشخصي والانتقام من الشركاء الذين يختلفون معهم، وآخرون ذهبوا إلى أبعد من ذلك في اتهامهم بمحاولتهم إسقاط العملية السياسية وبالتالي تضاف وزارة المالية إلى الوزارت الشاغرة وقد تكون تنبؤاتهم أصبحت واقع حال.
ما أكد لنا كمراقبين أن وزير المالية أصبح في خبر كان وأن موقفه ضعيف في الدفاع عن نفسه، هي تلك ردة الفعل التي خرج بها على الإعلام بطريقة أقل ما يقال عنها هستيرية وبالتالي وقع بذات المطب سلفه العبيدي في عدم إشهار ما بجعبته من مستمسكات وأدلة على النواب، السبب الآخر والأهم هو كيفية استمرار مجلس النواب في استجواب بقية الأسماء التي تم الإفصاح عنها ومنها رئيس الوزراء العبادي وكذلك تم التلميح عن جمع تواقيع لفتح ملف رئيس البرلمان مرة أخرى إضافة إلى وزير التربية والصحة وليس أخيرا وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، إذن نحن أمام مشوار طويل من الحرب المستعرة بين حقيقة الدور الرقابي الذي يدعيه البرلمانيون ونظرية المؤامرة التي يتم حياكتها في إسقاط حكومة العبادي تحت عباءة وذريعة ممارسة الدور الرقابي ومحاسبة المفسدين ممن يرى عكس ذلك.
المصدر: INP+ مهدي جاسم