هل هناك “سيطرة نوعية” على جميع الادوية في كردستان؟

هيئة التحرير 2.7K مشاهدات0

 

  

لا تزال حكومة إقليم كردستان العراق غير قادرة على منع تهريب الأدوية، فيما تدور انباء غير المؤكدة حول وقوف مسؤولين كبار وراء هذه التجارة.

على الرغم من ان ضوابط حكومة الإقليم تنص على مرور جميع الأدوية بفلترة "السيطرة النوعية" قبل منحها الموافقة، ولكن مع ذلك لم تتم السيطرة على الأدوية المهربة حتى الآن.

 

ولا تطبق القوانين والتعليمات الموضوعة لاستيراد الأدوية كما هي، وهناك اشخاص يتعاملون بها بشكل غير قانوني، ونظرا لعدم وجود رقابة شديدة فان الأدوية المهربة تجد طريقها الى الأسواق بسهولة.

 

ويشمل التهريب جميع الادوية التي تأتي بشكل غير قانوني ودون المرور بالسيطرة النوعية، وهو جهاز تشرف عليه وزارة الصحة ويمنح الأدوية التي تدخل الاقليم ملصقا خاصا بعد فحصها، ومعظم الادوية التي يتم استيرادها على هذا النحو هي التي يكثر الطلب عليها في الأسواق مثل أدوية الامراض المزمنة (ارتفاع ضغط الدم، السكري، امراض القلب والسرطان).

 

ويشير مسؤولو الصحة في الإقليم الى ان المصدر الرئيس لتلك الأدوية المهربة هي تركيا ومدن العراق الجنوبية حيث تستورد منها الأدوية بطرق مختلفة.

 

ويشير الدكتور كوران روزبياني مسؤول السيطرة النوعية للأدوية في إقليم كردستان الى انه يتم احتجاز الادوية المهربة بشكل مستمر، وقال انه "تم احتجاز 150 طنا من الادوية المهربة في كركوك منذ شهر تشرين الاول (اكتوبر) من عام 2015".

 

وتؤكد مصادر متعددة على ان هذا النوع من التجارة لا يقل شأناً عن تجارة النفط والسلاح، وان اكثر الذين يقومون بها هم الاحزاب والسياسيون او أشخاص يقف وراءهم سياسيون.

 

ورأى الدكتور زين عبدالرحمن موتابجي اخصائي الصيدلة والأستاذ في جامعة السليمانية انه نظرا لكون التعامل بالادوية مربحا جدا ولا سيما اذا كان بطريقة غير قانونية، لذلك لم تتم السيطرة عليه حتى الآن.

 

وقال موتابجي "عندما يتم استغلال تجارة الأدوية وتدخل فيها عمليات التهريب فانها تضاهي تجارة النفط والأسلحة والمواد المخدرة، ولكن اذا تم تطبيق القانون سوف لن تبقى أرباحها كما هي الآن".

 

وتوزع شركات انتاج الادوية المعروفة أدويتها في الشرق الأوسط عبر الامارات والاردن ولبنان ومنها تنقل بطرق مختلفة الى العراق واقليم كردستان والأدوية التي تأتي منها بشكل رسمي تمنح تراخيص بعد فحصها اما ما تأتي منها مهربة فلا يشملها الفحص.

 

وبشكل عام يتم تهريب الادوية بطريقتين، إحداهما عبارة عن مرورها وراء نقاط التفتيش سرا لتصل الى المدن، اما الثانية فهي عبارة عن مرورها عبر نقاط التفتيش ولكن بكتاب ترخيص مزيّف.

 

واشار الدكتور آراس علي محمد وهو طبيب شاب يعمل في صيدلية دايك (الام) في السليمانية، الا ان عدم وجود نظام صحي ينظم التعامل بالادوية وعدم توزيعها عن طريق جهاز استيراد وتصدير الادوية ادى الى ان تستورد الشركات الجيدة أيضا الأدوية الى الاقليم عبر طريق التهريب.

 

ويوضح آراس انه نظرا لمرور فحص الأدوية لدى السيطرة النوعية بروتين معقد تصل مدته في بعض الاحيان الى شهرين، فان شركات الادوية التي تملك تراخيص رسمية لاستيراد الادوية تورد بعضا من ادويتها الى داخل الاقليم عبر التهريب حتى تتجنب التأخير والكلفة الزائدة.

 

ويضيف آراس "كثيرا ما تمر تلك الأدوية بنقاط التفتيش بكتاب تحت مسمى ترخيص وتباع في الاسواق، كما أن كثيرا من الأدوية التي تدخل الإقليم لا تفحص لأن بعضا من شركات الادوية الكبيرة تعود ملكيتها لمسؤولين حزبيين وهم فوق القانون".

 

وتكمن إحدى مشكلات استمرار تهريب الادوية الرئيسية في أن جهاز السيطرة النوعية ليس لديه الإمكانيات لفحص جميع أنواع الادوية، وقد سمع الدكتور آراس من مسؤول السيطرة النوعية يقول "بإمكاننا فحص 30% إلى 35% فقط من الادوية التي يتم إدخالها الى الاسواق".

 

ويجري الحديث بشكل واسع بين الموطنين حول تهريب الادوية ما اثار شكوك الكثيرين من نوع الادوية ومجمل القطاع الصحي، حتى ان ذلك دفع ميسوري الحال الى تكليف أقارب لهم خارج كردستان ليأتوهم بالأدوية التي يحتاجونها.

 

وقال خيري حسن وهو من أهالي سنجار ويقيم في الاقليم منذ عامين حاملا ادوية زوجته نورا فلك "لا اعلم ما هذه الأدوية التي اشتريتها، ولكنني اعلم ان الطبيب اوصاني بشرائها لعلاج الفقرات".

 

لا توجد وسيلة ليعرف المريض الذي يشتري الادوية ما اذا كانت قد مرت بسيطرة الحكومة ام لا، لان الملصق الذي يوضع على الادوية التي يتم فحصها من قبل السيطرة النوعية يمكن تزويره في الأسواق بسهولة.

 

واشار الدكتور يادكار احمد صديق اخصائي الصيدلة ومالك مخزن يادكار في السليمانية الى ان الادوية تعتبر من الاعمال التجارية الكبيرة وان الادوية التي يتم تهريبها الطلب عليها متزايد جدا.

 

وقال ايضا "من يقف وراء النفط والسلاح، يقف وراء الادوية ايضا، اذ لا يمكن لاحد ان يدخل الادوية الى الاقليم ان لم يكن هناك من يدعمه، والاحزاب بدورها لا تريد حل المشكلة".

 

وكثيرا ما تشتري المخازن الادوية من المهربين مباشرة باسعار اقل من سعر الاسواق وتبيعها بطرقها، ومع ان العملية تترتب عليها مغامرة قانونية الا ان ارباحها الكبيرة تدفع الى عدم التواني فيها.

 

ويعتبر التهريب والاحتيال في الادوية محظورا قانونيا، فقد ذكر قانون مزاولة مهنة الصيدلة العراقي رقم 40 لسنة 1970 هذه الحالات بوضوح.

 

واوضح فيصل مهدي الخبير القانوني في محكمة حلبجة تلك النصوص القانونية قائلا "ان عقوبة تلك الافعال هي السجن لمدة تتراوح بين عام و ثلاثة اعوام مع غرامة حسب نوعها وطريقة القيام بها".

 

واشار العديد من اخصائيي الادوية الى ان كمية الادوية التي تدخل الاسواق رسميا لا يمكنها سد حاجة الناس لذلك يزدهر تهريب الأدوية يوما بعد يوم وليس للمؤسسات الصحية رقابة شديدة على مخازن الادوية لذلك ليس من الصعب بيعها في الاسواق.

 

وقال اخصائي ادوية طلب عدم ذكر اسمه "اشتريت ادوية علاج السرطان من المهرب مباشرة حيث كان هناك مرضى بحاجة اليها ولا يمكن لاحد السيطرة على هذا الوضع".

 

واكد روزبياني مسؤول السيطرة النوعية للادوية في الاقليم انه هناك ادوية مهربة في جميع انحاء العالم، الا ان نسبة هذا النوع من الادوية في كردستان اكثر بكثير. واضاف "يدخل بعض تلك الادوية عبر التحايل والتسهيلات في نقاط التفتيش".

 

ونفى روزبياني ان تكون الاحزاب وراء استيراد الادوية، قائلا "المهربون هم من يقومون بذلك وفي هذا المجال قد قدمنا العديد من الاشخاص الى المحاكم".

 

وختم يادكار معلقا على اعمال المهربين "انهم يقومون بذلك امام انظار الحكومة ويقفون وراءه".

المصدر: ميدل ايست اونلاين

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: