هل سيشارك الجيش التركي في معركة الموصل؟

هيئة التحرير 3.4K مشاهدات0

 

  

رغم مرور أكثر من 3 أيام على إيحاءات تركية عكست رغبة في القيام بعملية مشابهة لـ"درع الفرات"، لكن في مدينة الموصل العراقية هذه المرة، تتردد حكومة بغداد في كشف انطباعها عن عملية كهذه.

يغذي هذا التردد تأرجح مع التحالف الدولي بين رغبة باستعادة المدينة من تنظيم داعش الذي يسيطر عليها منذ أكثر من عامين، وحاجة للتريث بانتظار إسناد خارجي بدأته أمريكا بـ400 جندي و181 مليون دولار، وإسناد إيران ومليشياتها التي تجول مدن العراق ولا تُسجل سوى انتهاكات.

وأثارت تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، علامات استفهام حول قرب عملية عسكرية تركية بالموصل، في حين تحدثت مصادر مطلعة عن استعدادات تركية للعملية.

وأعرب أردوغان، في 13 سبتمبر/أيلول، عن اعتقاده بأن "العراق بحاجة إلى عمل مشابه (عملية عسكرية)، فحل مشكلة الموصل يمر من خلال الإصغاء إلى المنظور العقلاني لتركيا فيما يتعلق بالمنطقة".

وتبرز حاجة الموصل للعملية التركية بعد أن أطلقت أنقرة، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، يوم 24 أغسطس/آب الماضي، ودعماً لقوات "الجيش السوري الحر"، حملة عسكرية في مدينة جرابلس بحلب، شمالي سوريا، تحت اسم "درع الفرات"، ونجحت خلال ساعات في طرد تنظيم داعش منها، إضافة إلى مليشيات كردية كانت توجد هناك.

حالة الاستياء العام في العراق من استمرار سيطرة التنظيم على الموصل، والخوف من عمليات "دموية مدمرة" شنتها القوات العراقية المدعومة من التحالف ضد الدولة في محافظات مجاورة، يطرح رغبة شعبية لإنجاز كالذي حصل في جرابلس، والذي وصفه نائب رئيس الوزراء التركي، ويسي قايناق، بأنه "إنجاز في 15 يوماً، لم تنجزه قوات التحالف الدولي في 4 سنوات في سوريا".

– ماذا ستقول بغداد؟

رغم حالة التردي الاقتصادي الذي أصيبت به الموازنة العراقية بفعل العمليات العسكرية وانخفاض أسعار النفط، وحاجتها الدائمة لقروض البنك الدولي والمساعدات الأمريكية، لا تبدو بغداد مرحبة بتعاون أنقرة التي عُرفت بقربها من الكتل السُّنية المنافسة للحكومة التي تسيطر عليها الأحزاب الشيعية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، إضافة إلى علاقاتها اللوجستية مع إقليم كردستان، ذي الخلافات الدائمة مع المركز.

وكانت لتركيا تجربة معارضة رغم عدم جديتها سابقاً في عملية حاسمة، فقد شهدت العلاقات التركية العراقية توتراً على خلفية قيام أنقرة بإرسال قرابة 150 جندياً إلى منطقة "بعشيقة" القريبة من مدينة الموصل، عن طريق البر؛ لاستبدال وحدتها العسكرية هناك، المعنية بتدريب قوات البيشمركة (جيش إقليم شمالي العراق)، والحشد الوطني، كما تمّ استقدام ما بين 20 و25 دبابة، خلال عملية التبديل التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 2015.

ورغم الوجود الأمريكي الواسع في العراق، إضافة إلى التوجيهات الإيرانية ودعمها العسكري غير المرحب به شعبياً، سارعت الحكومة حينها باعتبار الوجود التركي الذي جاء بطلب من الحكومة العراقية في العام 2014، وبطلب من حكومة كردستان العراق أيضاً، "مساً بسيادة العراق"، وأمهل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تركيا 48 ساعة لسحب قواتها، في حين حذر وزير خارجيته، إبراهيم الجعفري، من رد عسكري.

– الاتفاق مع واشنطن وليس بغداد

التعنت العراقي الذي حصل قبل عام من الآن، يُسكته بحسب محللين، الاتفاق الأمريكي التركي الذي حصل مثله بعد أزمة استبدال القوات التركية، حين اتفق البيت الأبيض وأنقرة على تنسيق العمل وإطلاق مبادرات جديدة بشأن معسكر بعشيقة قرب مدينة الموصل العراقية الذي ترابط فيه قوات تركية، في 24 من يناير/كانون الثاني 2016.

التنسيق بين الجانبين بدا واضحاً في عمليات أنقرة الأخيرة في سوريا، عززه ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مصادر دبلوماسية في واشنطن، في 17 سبتمبر/أيلول، أن إرسال قوات أمريكية إلى سوريا يهدف إلى تقديم المشورة والمساعدة للقوات التركية التي تقاتل تنظيم داعش، وذلك بطلب من الرئيس التركي خلال قمة العشرين.

ويأتي الحزم التركي في القضاء على التنظيم واضحاً في تصريحات المسؤولين الأتراك، فقد أعلن أردوغان في 11 سبتمبر/أيلول أنه "لا يمكن لأي جهة أن تمنعنا من القضاء على كافة التنظيمات الإرهابية التي تهدد دولتنا وشعبنا مهما كان من يقف خلفها أو يدعمها".

– التاريخ في خدمة التدخل

وبرز في رغبة تركيا في التدخل في الموصل، ما كشفته مصادر مطلعة لقناة الجزيرة، عن أن الحكومة التركية تستعد لعملية عسكرية في المستقبل القريب في الموصل، وأن خطط العملية جاهزة، وتستند إلى اتفاق مع بريطانيا يعود للعام 1926، ضُمت بموجبه "ولاية الموصل" لتركيا التي مُنحت حق حماية التركمان.

وكانت الموصل آخر ولاية خسرها العثمانيون في العراق، ويعود اتفاق عام 1926، بعد الحرب العالمية الأولى، حين عيّن مجلس عصبة الأمم لجنة تحقيق أوصت بأن تعود ملكية الموصل إلى العراق، فأُجبرت تركيا على قبول القرار من خلال التوقيع على معاهدة الحدود مع الحكومة العراقية في عام 1926، وقام العراق بموجبها بمنح أنقرة 10% من الودائع النفطية في الموصل لمدة 25 عاماً.

وشاركت تركيا العراق في نفطه حتى عام 1954، حين توقف الدفع تماماً بعد ثورة 1958 ومجيء عبد الكريم قاسم للحكم. وفي 1986 وضمن تسوية قام بها رئيس الوزراء التركي، تورغوت أوزال، مع الدول العربية، تمت إزالة هذه الاتفاقية.

في المقابل ألقت الصراعات الدولية والمحلية لإحكام النفوذ والسيطرة بظلالها على عملية استعادة الموصل، فبعد مضي نحو شهرين ونصف الشهر منذ انطلاق العملية العسكرية، لم تحقق القوات المتجحفلة أي انتصار أو إنجاز يذكر، وهي تتنوع بين قوات عراقية رسمية تتبع أجهزة مختلفة، إضافة إلى الخلاف على مشاركة مليشيات الحشد الشعبي، وظهور قائد فيلق القدس الإيراني المتكرر على تخوم المدن التي يسيطر عليها التنظيم، إضافة إلى وصول قوات أمريكية، وغاراتها التي يذهب ضحيتها كثير من المدنيين في غارات "غير دقيقة" داخل الموصل.

المصدر: الخليج اونلاين

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: