النازحون في المخيمات .. أعياد بلا فرحة والعيش في اسوأ الاحوال

هيئة التحرير 3.2K مشاهدات0

   

 

"عيدٌ بأيَّة حال عُدتَ يا عيدُ.." وكأن شاعر العربية الأول أبو الطيب المتنبي، كان يتحدث قبل مئات السنين بلسان حال لاجئي ونازحي اليوم، الذين انتقلوا بين ليلة وضحاها من البيوت إلى المخيمات، مئات آلاف أجبرهم القتال الدائر في سوريا والعراق على الفرار بحياتهم مخلفين وراءهم بيوتاً مهدمة، وأوطاناً تحترق، وترتع فيها المليشيات المسلحة التي لا هدف لها سوى كسر إرادتهم، وتحطيم آمالهم بالحرية والعدالة.

 

لاجئون وجدوا أنفسهم في خيام بمناطق صحراوية يواجهون الحر والجوع والعطش والمرض وغياب الخدمات، كما هو حال السوريين الذين يقطنون مخيمات تقول منظمات دولية إن قاطنيها يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة، وآخرون في اليمن والعراق يعشيون ظروفاً ليست أقل قسوة وإن ظلوا فوق تراب بلادهم؛ فالجزء الأكبر منهم يعيش حالة الطوارئ، وبعضهم يموت جوعاً.

 

ومع حلول عيد الأضحى تقول منظمات العون الإنساني، إن نحو 80 ألفاً من اللاجئين السوريين العالقين على الحدود السورية الأردنية يعيشون أسوأ وضع واجهه لاجئون من سوريا خلال السنوات الخمس السابقة، حسبما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.

 

 

 

ظروف غير إنسانية:

 

الصحيفة أكدت في تقرير أنه لا يُسمح بعبور المعونات الحدود إلى هؤلاء اللاجئين، وأن إمدادات المياه غير المنتظمة لا تكاد تغطي احتياجات الشرب في ظل حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية خلال الصيف، دون توفر أي مياه للنظافة.

 

أما رئيسة الفريق الطبي بمنظمة أطباء بلا حدود، ناتالي ثارتل، فتقول إن الظروف التي يعيش فيها هؤلاء اللاجئون "هي واحدة من أسوأ الظروف الإنسانية في العالم".

 

وما بين مرارة التهجير من أوطانهم، ومرارة ضيق ذات اليد، وقلة الأيادي الممدودة بالعون، يستقبل هؤلاء اللاجئون والنازحون عيد الأضحى، ناهيك عن وطأة شعورهم بالعجز عن توفير أدنى حدود السعادة لأبنائهم في أيام الأعياد.

 

يقترب عيد الأضحى، وما تزال هناك وجوه قلقة، وعقول يائسة، وأجسادٌ مرهقة مستسلمة لانتظار ما لا يجيء؛ مع حلول المساء يصبح الظلام مخيفاً، ولا يُسمع في المخيمات إلا صراخ الأطفال، وأنين الكبار، وبكاء الرجال على أنفسهم وعلى بلادهم، كما قال من زاروا هذه الأماكن.

 

 

 

ففي العراق، لا يجد المدنيون الفارّون من القتال ما يلزمهم من خدمات غذائية ومعيشية وصحية كافية لترتيب أوضاعهم لحين انتهاء العمليات العسكرية، فما توفره الحكومات المحلية، والاتحادية، والمنظمات الإنسانية، لا يكفي لسد حاجاتهم خلال فترات وجودهم في مخيمات النزوح، وفق حديث سابق لوزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري.

 

وبينما ينتظر الأطفال عيداً محملاً بالبهجة واللعب، ينتظر أطفال المخيمات عيداً لا بهجة فيه ولا لعب، وبينما يركض أطفال في الحدائق ويركبون الأراجيح، سيكون هناك أطفال في نفس أعمارهم يركضون حفاة فوق رمال حارقة، وبعضهم نصف عار، لا من أجل اللعب، وإنما بحثاً عن لقمة تسد الجوع، أو جرعة ماء نظيفة تبل الريق وتكسر حرارة الجو، أو قطعة لحم تخبره بأن العيد قد مر بينهم.

 

منظمة أطباء بلا حدود قالت إنها طعّمت نحو 5 آلاف طفل في مخيم باليونان ضد أمراض، من بينها الالتهاب الرئوي، الذي يعتبر أكثر الأمراض فتكاً بالأطفال دون سن الخامسة في العالم، ويكون حاداً بشكل خاص عند الأطفال الذين يعيشون في ظروف قاسية وصعبة مثل ظروف العيش في المخيمات، وهو ما يجعل مجرد التفكير في فرحة العيد أمراً محل شك كبير.

 

أما في اليمن فتقول منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، إن نحو 70% من السكان في بعض المحافظات "يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الطعام"، بل إن نسبة سوء التغذية الحاد بلغت مرحلة خطيرة في معظم المحافظات اليمنية.

 

 

 

لكن خذلان الغريب، وتخاذل القريب، لم يمنع دولاً ومؤسسات لمحاولة تسريب فرحة ولو مؤقتة إلى سكان هذه البقاع الجافة، الخالية من كل شيء تقريباً، سوى الموت والمرض؛ وذلك من خلال تخصيص لحوم الأضاحي لهؤلاء اللاجئين أو النازحين.

 

حملات ودعم:

 

مؤسسة الشيخ عيد القطرية أطلقت هذا العام مشروعاً للأضاحي تحت شعار "أضحيتك ثواب وسرور"، وقالت المؤسسة الخيرية إنها تستهدف 32 دولة، وفي مقدمتها تلك التي تشهد حروباً وكوارث، وتأتي الأولوية للاجئين والنازحين في سوريا والعراق واليمن.

 

وأوضحت المؤسسة أنها ستوزع الأضاحي هذا العام غربي بغداد، وأربيل، وكركوك، والأنبار، وعامرية الفلوجة، مشيرة إلى أن سعر الأضحية في العراق 1000 ريال، وهي تكفي لإطعام 20 عائلة، بمتوسط 5 أفراد للعائلة يوزع عليهم كيلو واحد من اللحم.

 

وفي السياق نفسه قالت منظمة الدعوة الإسلامية القطرية، إن أسر الأيتام في الدول الأفريقية، والنازحين واللاجئين في كل من سوريا وفلسطين واليمن والصومال وأفريقيا الوسطى "سيحظون بالنصيب الأكبر من أضاحي هذا العام؛ لأنهم بحاجة لها وأولى بها".

 

 

 

وفي تركيا، أعلن وقف الديانة توجيه جزء كبير من لحوم الأضاحي إلى اللاجئين السوريين الموجودين على المناطق الحدودية، في حين أعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) توزيع لحوم الأضاحي على 9 آلاف أسرة فقيرة بقطاع غزة الفلسطيني، الذي يعتمد نحو 80% من سكانه على المساعدات؛ بسبب الحصار المفروض عليهم منذ 10 سنوات.

 

ولم تتخلف مواقع التواصل عن ركب الداعين لتقديم الأضاحي للاجئين والنازحين، فقد أطلق نشطاء عدة وسوم "هاشتاغات" لتحفيز القادرين على توجيه أضاحيهم إلى المحرومين من سكان المخيمات، ومن بين هذه الوسوم: #أضحيتي_للنازحين، الذي أطلقه نشطاء عراقيون، وهو يستهدف تقديم الأضاحي للنازحين العراقيين بواقع 100 دولار للأضحية.

 

هناك أيضاً وسم #حملة_جمع_أضحية_العيد، الذي أطلقته الفنانة الجزائرية كنزة مرسلي، وتفاعل معه كثيرون، وهو يهدف إلى إيصال الأضاحي إلى النازحين واللاجئين في مختلف الدول.

 

ووفق بيان الحكومة المؤقتة، فإن أكثر من 275 ألف لاجئ سوري يتوزعون على 25 مخيماً في تركيا، في حين يسكن نحو 100 ألف آخرين في مخيمات بلبنان، إضافة إلى 120 ألفاً في مخيمات بالأردن، و94 ألفاً في مخيمات بالعراق.

 

أما في العراق، فإن الأمم المتحدة تتحدث عن أكثر من 3 ملايين نازح، وتستضيف من محافظات الأنبار، ونينوى، وأربيل، والسليمانية، أكثر من 80% من هؤلاء النازحين.

 

المصدر: الخليج اونلاين

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: