السحر والشعوذة مهنة حديثة في العراق ماذا تعرف عنها ؟؟

هيئة التحرير 3.7K مشاهدات0

شعوذة العراق

يستقبل أبو شيماء، عشرات النسوة والرجال يومياً في محله بمنطقة الكاظمية، شمالي بغداد، الذي يبيع فيه مواد العطارة المختلفة لاسيما تلك التي يطلبها “المشعوذون”، الذين تقدر مصادر عددهم في العراق بأكثر من أربعة آلاف شخص، يحصل بعضهم على أكثر من خمسة آلاف دولار شهرياً.

ويقول أبو شيماء، لقد “ورثت المهنة عن أبي وجدي، منذ نحو 20 سنة”، ويشير إلى أن “الكثير من الزبائن يأتون إلى المحل بطلبات غريبة نعلم أنها تذهب للسحرة والمشعوذين، حيث ينفقون عشرات الآلاف من الدنانير عليها، اعتقاداً منهم أنها قد تسهم في قضاء حاجاتهم، خلافاً لدينهم وعقيدتهم”.

ناشطة: البعض ما يزال يؤمن بالسحر والشعوذة

إلى ذلك تقول رئيسة منظمة بلاد النهرين للتثقيف، غير الحكومية، سمية هشام، إن البعض “ما يزال يؤمن بالسحر جرياً على التقاليد القديمة قدم تاريخ العراق، لاسيما أن بلاد الرافدين عرفت بممارسة تلك الطقوس كما هو الحال في بقية الدول، مثل الهند وإيران ومصر والصين وغيرها”، مبيناً أن “ممارسي السحر والشعوذة تضاءلوا كثيراً في العقود الماضية لأسباب عدة منها زيادة الوعي المجتمعي”.

وتضيف هشام، أن “مدّعي السحر يمارسون أعمالاً أقرب إلى السرقة والنصب والاحتيال، مستغلين قلة وعي البعض وسذاجتهم”، وتؤكد أن أولئك “المشعوذين لو كانوا قادرين على ممارسة السحر والاتيان بالمعجزات لسخروها لأنفسهم، لكن البعض يتناسى أو يتغابى عن أن مثل تلك الأمور هي بيد الله تعالى وحده”.

وتستغرب رئيسة منظمة بلاد النهرين للتثقيف، من “لجوء العديد من النسوة فضلاً عن الرجال بنحو أقل، إلى المشعوذين طلباً للرزق أو المنصب أو الزواج او الخلفة أو تسخير الجن وغيرها من الأعمال الشيطانية يدعي البعض ممارستها زوراً وبهتاناً”.

وتتابع هشام، أن “المنظمة تنظم حملات توعية لحث النساء على ترك تلك الممارسات الخارجة عن الدين والمنافية للعقل والمنطق، من خلال تعريفهم بحالات النصب والاحتيال التي تعرض لها الآخرون، وتقديم النصح والإرشاد لهن بشأن المسائل المستعصية”.

حلال عقد: لا نخالف الشرع

لكن أبا رحمن السهاني، الذي يعرف نفسه بأنه (حلال العُقد والمشاكل)، ويتخذ من بيته مقراً لممارسة أعماله، يرى أن ما يقوم به “لا يخالف الشرع والدين الإسلامي، ويهدف إلى بث روح الطمأنينة درء الشر والمكروه، وطلب الرزق الحلال”، بحسب ما قاله في حديث إلى (المدى برس).

ويوضح السهاني، أن هنالك من “استغل المهنة من خلال ادعاء السحر والشعوذة والاحتيال، مستغلاً جشع البعض وطلباتهم غير المشروعة، لإيهامهم بقدراتهم من خلال تعويذات وتسخير الجن، وغيرها”، ويضيف أن هنالك “أكثر من أربعة آلاف ساحر أو مشعوذ في العراق”.

ويتابع “حلال العقد”، أن “الأجور تختلف من عمل لآخر، إذ تبدأ من خمسة آلاف دينار لكشف الطالع، وصولاً إلى نصف مليون دينار للراغبين بالحصول على منصب كبير أو مشروع كبير أو زيادة دخلهم أو إيذاء شخص آخر، ما يجعل بعض ممارسي المهنة يحصلون على قرابة خمسة آلاف دولار شهرياً”، ويؤكد أن هنالك من “يدفع ذلك المبلغ وأكثر، متوهماً أنه سيحقق مرامه، حتى أنه يعمد إلى تكرار المحاولة مرة وأكثر ما يدل على خلل نفسي أو مرضي ربما”.

ضابط شرطة: سرقة للمواطنين واستغلالهم

بالمقابل يقول الضابط في مديرية الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية، (م . ف)، إن “ممارسة السحر والشعوذة ممارسة تدخل في سياق السرقة واستغلال المواطنين”، ويستدرك “لكننا لا يمكن أن نقبض على من يمارسها إلا بناءً على بلاغ أو شكوى من المواطن تؤكد تعرضه لاستغلال أو نصب واحتيال من قبلهم، وهو ما لا يحدث إلا نادراً، ما يشجعهم على مواصلة ممارساتهم الشاذة، فضلاً عن أن لبعضهم من يسنده في الدولة”.

أكاديمي: غسيل أموال

على صعيد متصل، يقول أستاذ الاقتصاد في كلية المنصور الجامعة، فهمي الياسر، أن “الأضرار الاقتصادية موجودة ومسجلة من جراء إقبال البعض على دفع أمول طائلة للسحرة والمشعوذين”، ويعد أن ذلك “يدخل في خانة عمليات غسيل الأموال والإضرار بالمال العام لأن ما يذهب للمشعوذين لا يخدم مصلحة المواطن بل يضره، وربما يكون مصدر تلك الأموال مشبوهاً أو أنها ترسل لأماكن مجهولة يصعب مراقبتها وتقصي آثارها”.

ويضيف الياسري، أن “عمل المشعوذين ينطوي على فائدة اقتصادية للباعة المختصين بطلباتهم كالعطارين، الذين يحققون أرباحاً طائلة من جراء ذلك”، ويستدرك أن ذلك قد “ينطوي على إيجاد حراك اقتصادي وتشغيل العشرات من الأيادي العاملة”.

 الداخلية: العمل الأمني لا يكفي وحده للقضاء على الدجالين والمشعوذين

على صعيد متصل عدت وزارة الداخلية أن القضاء على تلك الأعمال المخالفة للقانون “لا يكون من خلال الجهد الأمني فحسب، إنما يتطلب ثقافة عامة”، مؤكدة على دور الوعي الديني والمجتمعي في ذلك.

ويقول الناطق باسم الوزارة، سعد معن، إن “أعمال السحر والشعوذة تشكل مخالفة للقانون 248 وتصنفها المادة 56 كنصب واحتيال”، ويضيف أن “تشكيلات الوزارة تعتقل بين الحين والآخر من يمارسون تلك الأعمال بناءً على بلاغات المواطنين”.

ويرى معن، أن “القضاء على تلك الأعمال لا يكون من خلال الجهد الأمني فحسب، إنما يتطلب ثقافة عامة”، ويعد أن من “يذهب طواعية لأولئك المشعوذين عليه أن يفكر بالله تعالى، ويتذكر القيم الدينية والاجتماعية التي تؤكد على أن ممارسة السحر نوع من الدجل والخداع”.

 الأسرة البرلمانية: نطالب بدور أكبر للإعلام والمجتمع المدني والمرجعيات بكشف زيف تلك الممارسات

إلى ذلك قللت عضو بلجنة الأسرة والطفل النيابية، من خطورة أعمال السحر والشعوذة كونها “غير منتشرة بنحو كبير”، مطالبة بدور أكبر للإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية في كشف زيف تلك الممارسات ومساندة وزارتي الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية بهذا المجال.

وتقول انتصار الجبوري، إن “اللجنة لم تناقش خلال دورتها الحالية حتى الآن، موضوع السحر والشعوذة، كونها ظاهرة غير منتشرة بنحو كبير”، وتبيّن أن “اهتمام اللجنة ينصب حالياً على قضايا أهم كعمالة الأطفال وتجنيدهم من قبل عصابات داعش الإرهابية، والعنف الأسري”.

وتتابع الجبوري، أن “مسؤولية مكافحة ظاهرة السحر والشعوذة مشتركة للجميع، برغم ضرورة وضع عقوبات لمن يقوم بها”، وتحث وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية، على “ممارسة دور أكبر لتثقيف المجتمع ضد تلك الممارسات السلبية، وكشف زيفها”.

وتؤكد البرلمانية، على “أهمية الرقابة المجتمعية في مساندة وزارتي الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية”، وتتعهد بأن “تتناول الموضوع في اللجنة خلال اجتماعاتها المقبلة”.

يذكر أن الكثير من الناس يلجأون إلى من يدعون السحر وغيرهم من “المشعوذين” لأسباب مختلفة، وينفقون مبالغ طائلة أحياناً في هذا المجال، متناسين الحديث الشريف “كذب المنجمون ولو صدقوا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: