تصعيد ايراني سعودي .. والعراق يدخل على طرف الازمة

هيئة التحرير 2.1K مشاهدات0

  

  

اشتدت التصريحات الهجومية بين طهران والرياض مع حلول موسم الحج لهذا العام 2016، حيث توجهت ايران بقولها الى انه يجب حل الحكومة "الوهابية" لادارة الحرمين وقضية الحج بعد فاجعة مِنى، في حيث منعت مواطنيها من اداء فريضة الحج للمرة الاولى منذ ثمانينيات القرن الماضي،في حين وجهت السعودية انتقادات لاذعة للنظام الإيراني ومرشده الأعلى علي خامنئي، واصفا إياهما بأعداء الإسلام والعقيدة.

ثلاثة أيام قبل انطلاق مناسك الحج بمشاركة أكثر من مليوني حاج، اشتدت الحرب الكلامية بين الرياض وطهران حيث اعتبر مفتي السعودية الثلاثاء أن الإيرانيين "ليسوا مسلمين" ردا على دعوة المرشد الأعلى علي خامنئي المسلمين للتفكير في حل لإدارة الحرمين الشريفين وقضية الحج بسبب سلوك حكام السعودية. ويغيب الإيرانيون عن الحج للمرة الأولى منذ 1987.

تصريحات هجومية

شهد مسلسل التوتر السعودي الإيراني فصلا جديدا وتصعيدا كلاميا بلغ ذروته الثلاثاء باتهامات متبادلة وخطرة بين الطرفين، وذلك على خلفية موسم الحج الذي ينطلق السبت. فقد رد مفتي المملكة السعودية عبد العزيز آل الشيخ على تصريحات المرشد الأعلى لايران علي خامنئي بشدة وقال إن "الإيرانيين ليسوا مسلمين".

وتهجم خامنئي الإثنين في بيان على السعودية عندما دعا المسلمين أن "يفكروا تفكيرا جادا بحل لإدارة الحرمين الشريفين وقضية الحج بسبب سلوك [حكام السعودية] الظالم ضد ضيوف الرحمن"، وأثار غضب الرياض عندما صرح إن "على العالم الإسلامي سواء الحكومات أو الشعوب المسلمة أن يعرفهم ويدرك بنحو صحيح حقيقتهم الهتاكة غير المؤمنة التابعة المادية".

وفي رده على خامنئي، قال مفتي السعودية في اتصال هاتفي مع صحيفة "مكة" نقلت محتوياته وكالة الأنباء الفرنسية: "يجب أن نفهم أن هؤلاء ليسوا مسلمين، فهم أبناء المجوس، وعداؤهم مع المسلمين أمر قديم وتحديدا مع أهل السنة والجماعة". الرياض "قدمت للحجاج الإيرانيين كبقية حجاج بيت الله الحرام كل التسهيلات"

رد السعودية

وتعددت ردود الفعل من الجانب السعودي على تصريحات خامنئي، حيث اعتبر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف، الإثنين خلال حفل استعراض قوات أمن الحج أن "ما تثيره وسائل الإعلام الإيرانية وبعض المسؤولين الإيرانيين لا تستند إلى المصداقية والموضوعية، وهم يعلمون قبل غيرهم أن المملكة قدمت للحجاج الإيرانيين كبقية حجاج بيت الله الحرام كل التسهيلات، إلا أنه في موسم هذا العام تقدمت بعثة الحج الإيرانية بمطالبات تخالف مقاصد الحج وما تلتزم به بقية البعثات الأخرى، وتعرض أمن الحج والحجاج بمن فيهم الحجاج الإيرانيون للخطر، وتخالف كذلك قدسية المكان والزمان".

وفي خطوة تضامنية غير مفاجئة، اعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في بيان صدر الأربعاء، إن دول المجلس تعتبر تصريحات خامنئي بشأن الحج "تحريضا مكشوف الأهداف، ومحاولة يائسة لتسييس هذه الشعيرة الإسلامية العظمى التي تجمع الشعوب الإسلامية في هذه الأيام المباركة على أرض الحرمين الشريفين".

ايران تهاجم

من جهتها، ردت طهران بشدة على اتهامات السعودية وحلفائها في المنطقة على لسان رئيسها حسن روحاني ووزير خارجيتها جواد ظريف. فقد دعا روحاني الثلاثاء، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية، العالم الإسلامي إلى "معاقبة" السعودية عن "جرائمها".

وقال روحاني: "لو أن المشكلة مع الحكومة السعودية اقتصرت على الحج، لكنا توصلنا ربما إلى حل، لكن للأسف هذه الحكومة ومع الجرائم التي ترتكبها في المنطقة ودعمها للإرهاب، فإنها تسفك دماء المسلمين في العراق وسوريا واليمن".

وكتب جواد ظريف في تغريدة على صفحته في موقع تويتر مساء الثلاثاء: "لا تماثل بين إسلام الإيرانيين ومعظم المسلمين من جهة والتطرف والتعصب الذي يدعون له كبير علماء الوهابية وأسياد الإرهاب السعودي".

وقال علي خامنئي بهذا الشأن: "بدل أن يعتذر حكام السعودية ويبدوون ندمهم ويحيلوا المقصرين المباشرين في هذه الحادثة المهولة إلى القضاء، تملصوا بمنتهى الوقاحة وعدم الخجل حتى من تشكيل هيئة تقصي حقائق دولية إسلامية". وبلغ عدد الحجاج الإيرانيين في 2015 نحو 60 ألف شخص.

صور في شوارع بغداد

خصصت قناتي “العالم” الايرانية و”المنار” اللبنانية مساحة في تغطية خبر حول انتشار لافتات كبيرة الحجم كُتب عليها عبارات مسيئة للسعودية، في شوارع بغداد.

وتُظهر الصور لافتات كبيرة مُعنونة بـ”الشجرة الملعونة “آل سعود”، وكُتب على كل منها عبارات مختلفة.

إحدى اللافتات تظهر شخص “مجرم” يدوس على جثث للحجاج، كُتب عليها: “زجّ السعوديون المجرمون القساة جرحى فاجعة منى في حاويات مغلقة وقتلوهم شهداء بدل معالجتهم”.

وعلى لافتة أخرى وُضعت صورة الملك سلمان، والعلم الأمريكي على رأسه بدل الغترة، وبجانبها عبارة “شياطين صغار أذلاء، ترتعد فرائصهم من تعرض مصالح أمريكا للخطر”.

صورة أخرى تظهر نتنياهو، والكعبة، والحجاج، كُتب عليها: “آل سعود، بقاؤهم على عرش السلطة رهن بالدفاع عن مستكبري العالم والتحالف مع الصهيونية وأمريكا”.

كما خطّت عبارة “صدّ عن سبيل الله”، مع صورة لشعار السعودية، وعبارة أخرى “انتهكوا حرمة الحرم الإلهي، وقتلوا ضيوف الله”.

وتأتي هذه الحملة المنظمة ضد السعودية في بغداد، بالتزامن مع التصعيد الإيراني مؤخرا ضد السعودية، واتهام الحكومة السعودية بحرمان الإيرانيين من الحج.

وجدّد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، اتهام السعودية بمنع حجاج بلاده أداء الفريضة، ودعا العالم الإسلامي لمعاقبة حكومة السعودية.

راي مواقع التواصل

ولاقت تلك التصريحات الاعلامية بين ايران والسعودية موجة انتقادات بين الطائفتين السنية والشيعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عنبر شيعة العراق ولبنان وايران عن مدى ظلم النظام السعودي الحاكم وتكفيرهم للمذهب الشيعي، داعياً للاقتصاص من قضية "احداث مكة" التي حصلت خلال ثمانينيات القرن الماضي، واخذ الثأر بقضية فاجعة منى، فيما اتهم سنة السعودية والعراق ودول اخرى، عن تحكم الميليشيات في بغداد وصمت الحكومة العراقية التي سمحت بتعليق صور طائفية من شانها تاجيج الصراع الشيعي السني من جديد.

وللمرة الأولى منذ 1987 وما يعرف بـ "أحداث مكة" عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بين حجاج شيعة غالبيتهم إيرانيون وقوات الأمن السعودية، يغيب الحجاج الإيرانيون مجددا هذا العام بسبب الخلاف الإيراني-السعودي المتواصل بخصوص سلامة الحج المطروحة بعد تدافع منى السنة الماضية، وكانت السلطات السعودية ونظيرتها الإيرانية قد أعلنت في السابق مقتل 241 إيرانيا من أصل 769 حاجا من جنسيات مختلفة، قضوا في حادث التدافع.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صور اللافتات التي كتبت عليها تصريحات علي خامنئي ضد السعودية، وجاء فيها: "زجّهم الرجال السعوديون المجرمون القساة القلوب مع الموتى في حاويات مغلقة، وقتلوهم شهداء بدل معالجتهم".

ووصفت جميع اللافتات التي ملأت الشوارع الرئسة في العاصمة العراقية بغداد، حكام السعودية من آل سعود، بأنهم "الشجرة الملعونة"، وذيلت جميع اللافتات المنتشرة في بغداد باسم الجهة المنظمة لها تحت عنوان "الأنشطة الإعلامية"، فيما لم يصدر أي تصريح من الجانب العراقي عن الهجوم الصريح على المملكة العربية السعودية.

وفي ذات السياق، تخوّف مواطنون يسكنون في محافظة بغداد، من مغبة موجة العنف الاعلامي والطائفي التي اثيرت هذه الايام بتعليق الصور التي تهاجم الحكومة السعودية، محذرين من موجة اعمال ارهابية تقوم بها ميليشيات نافذة ضد مكون معين دون غيره.

ويرى مراقبون في الشان العراقي ان تاثير الصور التي علقت في بعض شوارع بغداد، سلبي على اهالي المناطق المجاورة، اذ تشن قوات ميليشياوية نافذة العديد من حالات الاغتيال والاختطاف وبصورة مستمرة ضد مواطنين من المكون السني، فيما تبث صور ومقاطع فيديوية مصورة وهم يقومون بتلك الاعمال اقتصاصاً من نظام "آل سعود" ودواعش السعودية، على حد تعبيرهم.

توتر دبلماسي

وأعلنت طهران في أيار/مايو الماضي أن مواطنيها لن يؤدوا فريضة الحج هذه السنة، متهمة السعودية بمنع الإيرانيين "من التوجه إلى بيت الله الحرام"، وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي علي جنتي إن "الظروف" غير مهيأة متحدثا عن تعامل سعودي "فاتر وغير مناسب" إزاء وفد إيراني جاء للتفاوض مع الجانب السعودي بخصوص منح تأشيرات للإيرانيين.

وتفاقم توتر العلاقات بين السعودية وإيران استمر عقب تدافع منى في أيلول/سبتمبر 2015، إلى أن بلغت الأزمة مرحلة حرجة في مطلع العام الجاري لتقرر الرياض قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية بسبب تعرض سفارتها لهجوم بطهران عقب إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر.

وشهدت العلاقات "العراقية-السعودية" توترا ملحوظا في الآونة الأخيرة على أثر مطالبة الخارجية العراقية نظيرتها في المملكة، باستبدال سفيرها في بغداد ثامر السبهان، بحجة تصريحاته المسيئة للحشد الشعبي.

وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي قال، الثلاثاء، إنه سمع بطلب وزارة الخارجية استبدال السفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، لتدخله في الشأن العراقي، "من الإعلام".

وقبل ذلك هدد أوس الخفاجي قائد مليشيا أبي الفضل العباس، على الهواء مباشرة، بقتل السفير السعودي ثامر السبهان، بالقول: "لنا ثأر معه، فلو حصلت حادثة اغتيال للسبهان بالعراق، فهذا شرف يدعيه الجميع".

من جهته، قال ثامر السبهان في أول رد رسمي سعودي على تصريحات الخفاجي: "ننتظر تصريحا من الحكومة العراقية بخصوص التصريحات من قبل أحد مكوناتها ( بحسب تبنيها للحشد) فهل هي موافقة على ذلك وتتبناه؟".

ولم تبين الحكومة العراقية موقفها حتى الآن من التصريح المعلن لاغتيال السفير السعودي في العراق، الذي أدلى به الخفاجي.

وكانت مصادر عراقية كشفت لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية عن مخططات دبرتها إيران لاغتيال السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان، وأوكلت تنفيذها لمليشيات شيعية عراقية تابعة لها.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: