بعد ستة سنوات من طرحه .. تعرف على مجلس السياسات الاستراتيجية في العراق

هيئة التحرير 1.3K مشاهدات0

البرلمان العراقي

  

  

تعود فكرة تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجيّة العليا، مرّة أخرى، إلى المشهد العراقيّ، وذلك بعد حوالى ستّ سنوات على طرحها للمرّة الأولى، حيث كانت ضمن إتّفاق سياسيّ سمّي حينها بـ"إتّفاق إربيل" عقد عام 2010، وتشكّلت على أساسه حكومة نوري المالكي الثانية، إلاّ أنّ الخلافات السياسيّة حالت دون تشريع القانون (مجلس السياسات) من قبل البرلمان في حجّة عدم وجود نصّ دستوريّ يوجب تأسيسه.

 

 

والآن، تدور نقاشات بين الكتل البرلمانيّة لإعداد مشروع قانون مجلس السياسات الاستراتيجيّة، بعد أن أعلن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عن إتّفاقه مع حزب الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ على إحياء فكرة مجلس السياسات الاستراتيجيّة في 23 آب/أغسطس الماضي، وقال أثناء الإجتماع مع قادة "حزب الإتّحاد": "ناقشنا ما بحثناه بضيافة الرئيس فؤاد معصوم في شأن تشكيل مجلس السياسات، والّذي يجمع قادة البلد، وهو مجلس استشاريّ يقدّم المشورة إلى المؤسّسات الرسميّة، ولا يحلّ بديلاً عن المؤسّسات الدستوريّة".

 

 

 

وقال عضو المكتب السياسيّ للإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ سعدي أحمد بيرة: "إنّ الهدف الرئيسيّ لزيارتنا هو المشاركة في إجتماع الرئاسات الثلاث، والّذي من المقرّر أن ينتج منه مجلس سياسيّ يتمتّع بسلطات سياسيّة، وأن يصدر قرارات في شأن القضايا الاستراتيجيّة والمهمّة".

 

ومن المفترض أن يضمّ المجلس المقترح الرئاسات الثلاث (الجمهوريّة والوزراء والبرلمان)، إضافة إلى رئيس السلطة القضائيّة وقادة الكتل البرلمانيّة، ومهمّته الأساسيّة رسم سياسات البلد العليا ومناقشة القضايا الخلافيّة وإيجاد الحلول لها على أن تكون توصياته "استشاريّة" أيّ أنّها غير ملزمة للسلطات الدستوريّة، على اعتبار أنّ الدستور الدائم للبلاد حدّد مهمّة كلّ سلطة، ولم يتطرّق إلى تشكيل مجلس للسياسات الاستراتيجيّة، إلاّ أنّ من الناحية العمليّة ستكون قرارات مجلس السياسات فاعلة، لأنّ أعضاءه هم قادة البلاد وصنّاع القرار.

 

واللاّفت أنّ كتلة المالكي البرلمانيّة (دولة القانون) هي الّتي تتبنّى اليوم التّرويج لفكرة مجلس السياسات، وتسعى إلى تشريع قانون للمجلس، وترى أنّ تشكيله ضرورة ملحّة، بعد أن كانت السبب وراء تعطيله في الدورة السابقة، حينما كان من المقرّر أن يكون المجلس (السياسات) برئاسة زعيم القائمة العراقيّة إياد علاوي.

 

وكانت المسائل الخلافيّة الأبرز حول مسودّة قانون مجلس السياسات الاستراتيجيّة السابقة إجبار الوزراء على الحضور إلى المجلس واقتراح مشاريع القوانين، ذلك أنّ مسألة اقتراح مشاريع القوانين حصرها الدستور بين الحكومة ورئاسة الجمهوريّة أو 10 من أعضاء مجلس النوّاب أو إحدى لجانه.

 

وفي حديثه لـ"المونتيور" حول تغيّر موقف كتلة "دولة القانون" من فكرة مجلس السياسات، قال النائب عن الكتلة اسكندر وتوت: إنّ الاعتراضات السابقة لم تكن حول فكرة مجلس السياسات، بل كانت في خصوص النسخة القانونيّة المقترحة للمجلس، والّتي كانت تعارض الدستور في كثير من الأمور".

 

أضاف: "اليوم هناك ضرورة قصوى لتشكيل مجلس السياسات، فلا توجد سياسة خارجيّة موحّدة للبلاد ولا توجد رؤية متّفق عليها لرسم المصالح العليا للدولة. وعليه، لا بدّ من وجود مجلس يضمّ قادة البلاد يضمن على أقلّ تقدير إجتماعهم الدوريّ للتباحث في المشكلات العامّة".

 

واستبعد اسكندر وتوت عدم تشريع قانون مجلس السياسات بسبب عدم وجود السند الدستوريّ له، وقال: "من الممكن أن يقترح قانون مجلس السياسات من قبل الحكومة على البرلمان ولا داعي لوجود نصّ دستوريّ له، ومن يدّعي ذلك يحاول عرقلة تشكيل المجلس (السياسات)".

 

وفي المقابل، فإنّ الحزب الديموقراطيّ الكردستانيّ (الّذي يتزعّمه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني) أبدى موافقة مشروطة لتشكيل مجلس السياسات، أوضحها النائب عن الحزب عبد القادة محمّد لـ"المونتيور"، الّذي قال: "نقبل بتشريع قانون لمجلس السياسات الاستراتيجيّة العليا، شرط أن يكون ذلك المجلس موقّتاً ولدورة إنتخابيّة واحدة وألاّ يتجاوز صلاحيّات مؤسّسات الدولة القائمة".

 

أضاف: "يجب أن يكون دور مجلس السياسات استشاريّاً يقدّم النّصح والإرشاد إلى الحكومة العراقيّة ويساهم في اقتراح قوانين للبرلمان يتمّ الإتّفاق عليها بين قادة الكتل المنضوين في مجلس السياسات".

 

أمّا زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر فأظهر عدم تفاؤله بتشكيل مجلس للسياسات، وقال في ردّه على سؤال لأحد أتباعه في 16 آب/أغسطس الماضي: "الفاسد لا يصدر منه إلاّ الفاسد"، ممّا يعني رفضه لمجلس السياسات، في حين كان زعيم "المجلس الأعلى الإسلاميّ" عمّار الحكيم أكثر المتحمّسين لمجلس السياسات الاستراتيجيّة، وقال النائب عن "المجلس الأعلى الإسلاميّ" حبيب الطرفي لوكالة "المدى برس" في 28 آب/أغسطس الماضي: "الوقت بات مناسباً لضبط إيقاع السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة وإبعادهما عن المزاجيّة". أضاف حبيب الطرفي: "المجلس سيكون فرصة لكلّ من يقول إنّه مهمّش في العمليّة السياسيّة، إذ سيضمّ كلّ قادة البلد.

 

ومن المرجّح أن يتمّ تشكيل "مجلس السياسات الاستراتيجيّة" وتشريع قانونه في البرلمان لأسباب كثيرة ومنها، أنّ غالبيّة الأطراف البرلمانيّة باتت مؤيّدة لفكرة مجلس السياسات. وبالتّالي، هناك فرصة لتمرير التّشريع الخاص به برلمانيّاً. كما أنّ توجّه رئيس الوزراء حيدر العبادي، وبضغط جماهيريّ، نحو "التكنوقراط" في التعيينات الوزاريّة وبقيّة المناصب المهمّة وتصاعد المطالبات بإنهاء المحاصصة، بدأ يفقد الأطراف السياسيّة (وخصوصاً البرلمانيّة منها) فرصة الاستمرار في المحاصصة والتّوافقات السياسيّة في إدارة الدولة، وهو ما لم تعهده منذ عام 2003. وبالتّالي، سيكون مجلس السياسات هو البوّابة لإعادة إدارة الدولة عن طريق التّوافقات والتّسويات.

 

المصدر: المونيتور

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: