قصص ناجون من قضاء الحويجة تروي مآسي حصار داعش

هيئة التحرير 1.9K مشاهدات0

هرب (ع.ن) وعائلته من قضاء الحويجة نتيجة حصار المنطقة الممتدة بين قضائي الشرقاط والحويجة الذي فرضه تنظيم داعش الذي اصبح اكثر حقدا على اهالي القضاء وسعياً للانتقام منهم لتركهم المدينة وتزامن الامر مع عدم وصول الامدادات الغذائية الى القضاء طوال اشهر .

لم يكن (ع.ن) يتوقع ان الطريق الذي عليه ان يسلكه يستغرق 10ساعات للوصول الى محافظة كركوك.

ويواصل (ع.ن) سرد حكايته، قائلا (قررت الهرب من منطقتي العباسي مع عائلتي بعد ان تقطعت بنا سبل العيش الكريم حيث نفد كل ما نخزنه من مواد غذائية واغلقت الاسواق والمحال التجارية ابوابها بعد ان خلت من محتوياتها منذ اسابيع ، ومات بعض الاطفال وكبار السن بسبب البيئة غير الصحية حيث انعدام الكهرباء والمولدات الاهلية وانتشار الحشرات وخلو المنازل من المواد الغذائية ، فقررت الهرب انا وعائلتي عبر الاراضي النائية وعبور جبل حمرين وبعدها الوصول الى كركوك).

ويضيف(عند منتصف الليل انطلقت مصطحبا معي عائلتي وبعض المذخرات الغذائية والماء لكي يقينا الحر الشديد وكنت اظن اني الوحيد مع عائلتي انوي الهرب ولكني صادفت العديد من العوائل التي انهكها التعب الشديد وبعض العوائل فجعت بموت اطفالها وكبار السن لعدم تحملهم مشقة الطريق وقد كان نفاد الماء والحر الشديد سببين رئيسين لموتهم ،وكانت العوائل تقوم بدفن متوفيها بحفرة غير عميقة وتكون على مقربة من سطح الارض).

وتابع (كنت استجمع قواي امام عائلتي واتظاهر بسهولة الامر واننا على مقربة من كركوك لكي احثهم على المشي لمدة 10 ساعات ، الى ان وصلنا الى جبل حمرين واذا برائحة كريهة تفوح وتملأ انوفنا واعتقد بأنها رائحة الجثث التي دفنت على مقربة من سطح الارض، فضلا عن انتشار العبوات الناسفة والقناصة ، وقد نجوت وعائلتي بأعجوبة من الجبل بوصولنا الى نقطة تفتيش الحدود الادارية لمحافظة كركوك).

وبشأن معاناة الأهالي الفارين من داعش، قال ان (اهالي الحويجة يعانون مأساة حقيقية كونهم واجهوا الموت وهربوا من داعش سعيا الى مأوى لهم ولعوائلهم لا ان يصطدموا بالاجراءات الادارية والمعاملة غير اللائقة من الجنود المنتشرين في السيطرات)،على حد قوله.

واشار الى (عدم السماح لاي مواطن من الحويجة او الشرقاط بالدخول الى محافظة كركوك الا بعد ان يقوم احد الضباط او المسؤولين المحليين او شيوخ العشائر بكفالته وبعد دخولنا يتم تخييرنا اما العيش في المخيمات او تأجير منازل في المحافظة وكلا حسب امكانياته المادية) .

جبل الموت

لكن عائلة (م.ح) لم تتمكن من الهرب من منطقة الزاب في قضاء الحويجة على الرغم من سعي ولدهم الى مساعدتهم على الهرب مثلما هرب هو في نهاية العام الماضي بعد ان حكم تنظيم داعش عليه بالاعدام فلجأ الى قوات البيشمركة الموجودة في كركوك وبعد ايام انضم الى الحشد الشعبي ليكون ضمن مقاتليه في منطقة العلم.

وقال (م.ح)، (حاولت ان اساعد عائلتي على الهرب الا ان وسائل الاتصال في ما بيننا كانت ضعيفة جدا كون التنظيم يقطع شبكات الاتصال في القضاء مما يضطر والدي الى المشي مسافة بعيدة جدا حتى يجد خدمة الهاتف ويتصل بي وقد حاولت مرارا ان اقنعه بفكرة الهرب الا انه كان يمتنع لكبر سنه هو ووالدتي لذا سلما امرهما الى الله وقالا لي ان موتتنا ستكون اما من الجوع او نقتل على يد داعش او بقصف الطيران) ، واضاف (يصف لي والدي الحال في الحويجة بانعدام الوقود وحتى الحطب لذلك اصبحت الحياة في القضاء شبه مستحيلة مما تسبب بموت العديد من الاطفال الرضع وكبار السن ).

وأوضح ان (اغلب مواطني القضاء هم من منتسبي القوات الامنية وهم يعيشون على راتبهم الشهري ولكن منذ اشهر عديدة انقطعت رواتبهم ما تسبب بكارثة كونهم لن يستطيعوا العمل لان القضاء قد انتهى بكل ما فيه)،ويوكد انه والمقاتلون في منطقة العلم يستقبلون العوائل الهاربة من بطش داعش والمتوجهة الى جبل حمرين والقاطعة 10ساعات للوصول الى كركوك وقد شاهدنا العديد من النازحين يموتون على الجبل في بعض الاحيان فنقوم بمساعدة ذويهم في دفنهم ولكن في احيان اخرى لا نستطيع كون قناصة داعش يتربصون بنا.

 

وقال (خ.ج) ان(قيام القوات الأمنية بتحرير قاعدة القيارة الجوية في عملية نوعية نجم عنها قطع الطريق بين بيجي ونينوى وحصار الاهالي في الشرقاط ونفاد المواد الغذائية)، موضحاً ان( الشرقاط محاطة بصحارى شاسعة وتلال وليس هناك مناطق مأهولة قريبة يؤوي اليها الناس وقد هربت بعض الاسر مشيا عبر الصحارى متجنبة الطرق التي توجد بها دوريات داعش الامر الذي يجعلها تمشي عشرات او مئات الكيلومترات قبل ان تجد منطقة محررة)، مؤكداً ان (شابا مات عطشا بعد ان مشى اياما في الصحراء في محاولة منه للنجاة).

تضامن العشائر

واكد مصدر في حشد الزاب ان (عشائر من جنوب ووسط البلاد تعتزم الخروج بتظاهرة لمطالبة الحكومة بتحرير قضائي الحويجة والشرقاط باسرع وقت ممكن وتخليص الاهالي من الحصار الذي يفرضه داعش عليهم وانقاذ الاطفال وكبار السن الذين يموتون جوعا)، مشيراً الى( اعلان هذه العشائر عن تضامنها مع عشائر القضائين المذكرين).

وكان المدير الاقليمي لمنظمة الشرق الادنى والاوسط باللجنة الدولية للصليب الاحمر روبير مارديني قد ابدى استغرابه من هول معاناة الاهالي وقال ان(من الصعب تصديق ماقاسته تلك العوائل فقد وجدوا انفسهم عالقين وسط قتال ولاذوا بالفرار بحثا عن سلامتهم) .

وشدد في بيان صحفي على( ضرورة احترام قواعد القانون الدولي الانساني لان نشوب الحروب والنزاعات يزيد العبء على المدنيين في الحصول على احتياجاتهم الاساسية)، وقال (يعيش هولاء المواطنين في خوف دائم من ان يحصد العنف ارواحهم في ظل ما يشهده العراق من مرحلة تصعيد النزاع المسلح)،واضاف (تقف اللجنة الدولية للصليب الاحمر لدعم اي شخص يفر من مناطق القتال كما تدعم المنظمات المحلية التي عكفت على الدعم على مدار النزاع).

ودعا احد وجهاء كركوك الشيخ اسماعيل الحديدي المنظمات الدولية والامم المتحدة الى انشاء مجمعات للنازحين خارج مناطق التماس الامني. وشدد الحديدي خلال حديثه لـ(الزمان) على(ضرورة عدم ارباك الوضع الامني بالمحافظة والعمل على ضمان استيعاب الآلاف من الاسر التي ستنزح مع اول رصاصة تنطلق لتحرير الحويجة ونواحيها الزاب والرياض والعباسي والرشاد ).

وكانت الامم المتحدة قد رجحت ان يؤدي الهجوم الذي تستعد القوات العراقية لشنه من اجل تحرير الموصل معقل داعش الى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين، واضافت في بيان صحفي ان (مئات الالاف سيجبرون على الفرار من منازلهم) ، وناشدت المجتمع المدني بـ(تقديم اموال للتعامل مع الازمة الانسانية) ،قائلة انها ستطلب 284مليون دولار لاعداد المساعدات الضرورية وما يصل الى1.8 مليار دولار للتعامل مع تبعاتها .

ودعا ناشط في المجتمع المدني الى تولي لجان متخصصة ومستقلة بإشراف الامم المتحدة عملية صرف المبالغ التي تمول للعراق لضمان وصولها الى الفئات المستهدفة . وقال محمد شاهين  ان (هناك العديد من المناطق المنكوبة لذلك يجب ان تصرف المبالغ بطريقة شفافة لتعويص النازحين والمتضررين من العمليات العسكرية) .من جهتها اكدت وزارة الهجرة والمهجرين ان فرقها الميدانية موجودة في نقطة التماس التي تتمكن القوات الامنية عبرها تسلم النازحين .

وقال مصدر في الوزارة ان (الوزارة تقوم بتأمين جميع الاحتياجات الضرورية للاسر النازحة ومن ثم يتم توزيعها بينها لحين تحقيق عودتهم الى مناطق سكناهم الاصلية وكذلك تقوم بتزويد القوات الامنية بالمساعدات بهدف ايصالها الى المناطق المحاصرة)، موضحاً (وعند تحرير الاراضي تقوم الوزارة عبر فرقها الميدانية بالوصول الى تلك المناطق وتوزيع تلك المساعدات بإشرافها )، مؤكداً ان (الوزارة استقبلت خلال الايام القليلة الماضية نحو450 نازحا بمخيم نزراوة في قضاء دبس بكركوك)، مشيراً الى ان (المخيم جاهز لاستقبال العوائل النازحة وفي حال وصولهم يتم تزويدهم بـ75 كيلو غراماً من المواد الغذائية).

ولفت الى ان (وصول النازحين لمنطقة التماس دائما ما يكون في اوقات الليل لتجنب بطش داعش).

المصدر: جريدة الزمان

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: