حقيقة زيارة الوفد الحوثي للعراق .. من الالف الى الياء

هيئة التحرير 4.6K مشاهدات0

  

  اثارت زيارة الوفد الحوثي الى العراق، موجة جدل اعلامي وشعبي عراقي واسع، وذلك بعد اعلان حكومة العبادي دعمهم ولقائاتهم مع الميليشيات وقادتها، فيما كشف محللون ان هناك ملفات سرية افتتحت بين قائد الانقلاب الحوثي والوفد المرافق له مع وزارة الخارجية العراقية، وتبرع الاخير نحو 50 مليون دولار، في الوقت الذي تشهد فيه عدة محافظات عراقية عمليات عسكرية واسعة وازمة مالية خانقة والوضع المأساوي للنازحين في البلاد.
 

كيف بدات الزيارة ؟

قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رحب بوفد "المجلس السياسي" الذي شكله الحوثيون وعلي صالح، باعتباره ممثلا عن "اليمن"، وذلك خلال استقباله وفد المجلس الذي يزور بغداد حاليا.

وقال عبد السلام في منشور على حسابة في "فيسبوك"، إن "وفد الجمهورية اليمنية التقى مساء الأربعاء بدولة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مقر رئاسة الوزراء، وقد جرى خلال اللقاء مناقشة مجمل الوضع السياسي والإنساني والاقتصادي في اليمن" .

ولفت المتحدث باسم الحوثيين إلى أن "رئيس الوزراء عبر عن ترحيبه بالوفد باعتباره ممثلا عن اليمن. وأكد أن "العراق قيادة وشعبا يساند مظلومية الشعب اليمني منذ البدء ويرفض العدوان غير المبرر على اليمن".

ونوه العبادي إلى أن "العراق ومن خلال مشاوراته مع المجتمع الدولي كان يوضح أن الحرب على اليمن ستخلط الأوراق، وأن الخطر الحقيقي ليس من اليمن وإنما من داعش والقاعدة".

جدل شعبي 

وتداول النشطاء العراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خبر زيارة وفد الحوثي للعراق، بين المؤيد والداعم للشرعية وبين دعم الانقلاب وما اسموه "اعتداء التحالف العربي" على الدمقراطية وقمع الحريات في اليمن.

المواطن احمد حسن من بغداد، يؤكد لموقع الخلاصة، ان :"مايجري في العراق من تناحر سياسي وازمات امنية متلاحقة والتقشف التي تدعي به الحكومة، نرى اليوم نفس الحكومة تعطي الوفد الحوثي 50 مليون دولار كهبات ودعم من الحكومة العراقية".

احمد عبر عن رأيه ان :"الحكومة العراقية اكدت في عدة بيانات ولقاءات صحفية انها غير قادرة على ضبط الامن والانهيار الاقتصادي والازمة المالية الخانقة التي تعصف في البلاد، نستغرب اليوم دعمهم للحوثيين، في الوقت الذي تطالب فيه مئات عوائل الشهداء من الحشد الشعبي والمتضررين من الارهاب بالتعويض ويقابلون بالرفض".

اما حسين اللعيبي من محافظة القادسية، اكد للخلاصة، ان :"الخطوة العراقية لدعم الحوثيين في اليمن، مهمة جدا على المستوى المحلي والاقليمي، خصوصاً ان اعتداء التحالف العربي المتمثل بالسعودية يعتبر تدخلاً سياسياً وامنياً في دول اخرى، وكان من المهم وضع الحد وارسال بعض القوات العراقية (مشيراً الى بعض فصائل الحشد الشعبي) لدعم الدمقراطية في اليمن".

المواطنون النازحون في كردستان وبغداد عبروا عن استيائهم في مواقع التواصل من دعم الحكومة للوفد الحوثي، في الوقت الذي تتنامى فيه اعداد النزوح لتصل نحو 4 ملايين نازح، والدعم الاغاثي والانساني الذي يكاد يكون مفقوداً ومطالبات العوائل النازحة بالتعويضات لمنازلهم المتضررة وخسائر تجاراتهم ومحلاتهم التجارية فضلا عن المطالبات بالعودة الى مساكنهم بعد التحرير من داعش.

خلف الكواليس!

امن جانب اخر، كشفت مصادر اعلامية، أن وفد الحوثيين التفاوضي، يسعى الى الدعم الاقليمي لبناء "انقلابه" ضد حكومة اليمن وتحصيل الدعم لاعطاء الشرعية، حيث انهى جولته الإقليمية الاسبوع الماضي، التي كان من المفترض أن تشمل العراق ولبنان وإيران وعمان. 

مصدر حكومي كشف لصفحات فيسبوك محلية، ان الحكومة العراقية تبرعت بمبلغ 50 مليون دولار الى وفد ميليشيا الحوثي الذي زار العراق قبل أيام.

فيما اكدت مصادر اخرى، ان الوفد الحوثي اجرى زيارات لم يعلن عن طبيعتها مع قادة الميليشيات في العراق، فيما اشارت مصادر اخرى انها جاءت لتبادل الخبرات والتجارب لنقلها إلى اليمن. .والتقى الوفد قادة الحشد الشعبي بالعراق، بينهم أبو مهدي المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي، وأبو عزرائيل.

وبحث الجانبين خلال اللقاء المطوّل وضع استراتيجيّة مشتركة للتعاون مع الحوثيين في التصدي للتحالف العربي وتنفيذ عمليّات مشتركة في اليمن وفقا لصحيفة العربي الجديد.

وكشف المصدر أنّ “قادة المليشيات اتفقوا مع وفد الحوثيين على البدء بإعداد فصيل تابع لمليشيا الإمام علي لإرساله إلى اليمن، كخطوة أولى لهذا التعاون”، من دون أن يوضح كيفية انتقاله، وما إذا كانت حكومة حيدر العبادي تقر ذلك.

وحسب مصادر عراقية، فإنّ الوفد التقى بقيادات المليشيات بشكل متواصل، لمدة يومين في الاسبوع الماضي، وذلك ضمن اجتماعات مغلقة لم تعرف طبيعتها، حيث منع الصحافيون من دخول قاعة الاجتماعات.

ابوعزرائيل يهدد

ونشرت تلك الوسائل العراقية تسجيلاً مقتضباً لاستقبال قيادات الحشد الشعبي، لوفد الحوثيين، وأطلقت خلال اللقاء شعارات طائفية وتهديدات من قبل القيادي في الحشد الشعبي “أبو عزرائيل” ضد السعودية، وتوعده بالانتقال للقتال إلى اليمن.

ويظهر في التسجيل الذي نشره -أيضاً- تلفزيون العالم الإيراني، أبو عزرائيل وهو قيادي بمليشيا كتائب الإمام علي التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، مهدداً السعودية “سنأتي لليمن إليكم.. وأين تفرون يا سعوديين..”، وسط ضحكات الحاضرين بينما بدت علامات الارتياح على الوفد الحوثي.

وبحسب وسائل الإعلام العراقية فقد التقى الوفد الحوثي بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيستاني، وزعماء عدد من الفصائل والميليشيات الموالية لإيران.
وفي ذات السياق، استقبل رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم، وفد الحوثيين وركز الحكيم على وقف ما أسماه “تمدد الإرهاب في الجنوب اليمني”.

وتحدثت مصادر مقربة من الحوثيين، تأكيدهم زيارة مرتقبة مع المبعوث الاممي، حيث سيبحث مع وفد الحوثيين الترتيب للجولة المرتقبة من المشاورات مع الحكومة اليمنية، التي من المقرر أن تنطلق في الـ 6 سبتمبر/أيلول الجاري، وذلك بعد شهر من رفع مشاورات الكويت.

 

الحوثي مع الجعفري 

ففي بغداد، شدد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري على ضرورة إيقاف "نزيف الدم وتبني حوار وطني يسهم في إنهاء الحرب في اليمن"، مضيفا أثناء استقباله الوفد برئاسة النائب في مجلس النواب يحيى بدر الدين الحوثي، أن العراق "دوى بصوته في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وكل المحافل والمؤتمرات الدولية ورفض رفضا قاطعا التدخل العسكري في الساحة اليمنية لأنها ستسهم في إراقة الدماء وتسهم في زعزعة الأمن المجتمعي."

وذكر الجعفري أن العراق "يساند كل خطوة دستورية وقانونية تحفظ وحدة الصف اليمني" وفقا لما نقل عنه التلفزيون العراقي، في حين قدم الوفد اليمني "نتائج الجهود السياسية الوطنية اليمنية التي تمخضت عن تشكيل المجلس السياسي»، مشيرا إلى أن «المجلس السياسي تم الاعتراف به من قبل مجلس النواب اليمني وله مشروعية بتمثيل الشعب اليمني" وفق تعبيره.

لكن موقع قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين ذكرت من جانبها أن الجعفري "أشاد بالخطوة الإيجابية لتشكيل المجلس السياسي الأعلى في اليمن" وأعلن مساهمة العراق في "دعم هذه الخطوة الصحيحة" وفقا للقناة التي ذكرت أيضا أن الوفد زار رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، الذي "ثمّن المواقف التي تصدر من القوى السياسية اليمنية منذ الإعلان الدستوري إلى تشكيل الوفد التفاوضي ومن ثم إعلان المجلس السياسي الذي صادق عليه البرلمان" وفق قوله.

ما علاقة الزيارة بـ"جيش التحرير الشيعي"؟

وبحسب المعلومات التي نشرها موقع العربية، طلب الوفد الحوثي في لقاءاته مساعدات عراقية في النفط والسلاح لدعم الانقلابيين في اليمن. وأيضا بحث تشكيل ما يسمى "جيش التحرير الشيعي" في العراق وسوريا ولبنان واليمن برعاية إيرانية.

وقبل أيام، كان قد أعلن القيادي في فيلق "سيد الشهداء" التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي فلكي، في مقابلة مع موقع "مشرق"، تفاصيل تشكيل ما يسمى "جيش التحرير الشيعي"، لكن المقابلة سرعان ما حذفها الموقع.

و"جيش التحرير الشيعي" عبارة عن قوة عسكرية أنشأتها إيران لتجنيد أبناء الطائفة الشيعية في بعض الدول، خاصة العربية منها، عبر جيوش محلية تحقق مصالحها الاستراتيجية هناك بحماية أنظمة الحكم الحليفة لها، وتقي جيشها النظامي تبعات معارك الاستنزاف وحروب العصابات في هذه البلدان.

انتقادات سياسية

ولاقت زيارة الوفد إلى بغداد انتقادات شديدة من شخصيات عراقية وخليجيةوفي مقدمتها من داخل المملكة العربية السعودية، فيما "تفاخر" محللون ايرانيون عن الزيارة الايجابية، واعتبروها علامة من علامات ضعف السعودية.

وفي الجانب العراقي، هاجم رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، التوغل الإيراني في العراق عبر دعم المليشيات المسلحة، معتبرًا أن زيارة وفد حوثي يمني إلى بغداد مؤخرًا، جاءت على إثر هذا التوغل.

وانتقد زيارة وفد الحوثيين للعراق، قبل أيام، واستقبالهم بشكل رسمي من قبل الحكومة العراقية، مرجعًا ذلك إلى “التدخل الإيراني في العراق” وفي الشأن الداخلي، رأى رئيس الوزراء العراقي الأسبق أن مجلس نواب بلاده، “لم يعد قادرًا على تنفيذ صلاحياته الرقابية والتشريعية”.

وأعرب عبد العزيز المفلحي مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن أسفه لاستقبال العبادي وفد الحوثيين، واتهم المفلحي العراق، بالسقوط في "منحدر الطائفية المقيتة".

ولاقت زيارة الوفد إلى بغداد انتقادات شديدة من شخصيات خليجية وفي مقدمتها من داخل المملكة العربية السعودية.

وأعرب عبد العزيز المفلحي مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن أسفه لاستقبال العبادي وفد الحوثيين، واتهم المفلحي العراق، بالسقوط في "منحدر الطائفية المقيتة".

ويأتي هذا الموقف خلافا للمواقف الدولية التي اعتبرت خطوة الانقلابيين الحوثيين في تشكيل ما يسمى "المجلس السياسي" تعقيداً لأزمة اليمن، حيث أعربت مجموعة سفراء الدول الـ 18 الراعية لمفاوضات السلام اليمنية عن قلقها إزاء إعلان تشكيل هذا المجلس، وأكد السفراء في بيان لهم نشر السبت 20 أغسطس في صنعاء، أن هذا الأمر يجعل البحث عن حل سلمي لأزمة اليمن أكثر صعوبة، وذلك نتيجة قيامهم بأعمال أحادية وغير دستورية.

ايران تتفاخر!

وعلى عكس الانتقادات السياسية العراقية والخليجية، اذ تفاخر محلل إيراني بارز بزيارة جماعة الحوثي المسلحة إلى العراق، الأسبوع الماضي، واعتبرها علامة من علامات ضعف السعودية.
 
وقال جعفر قنادباشی الذي يحمل صفة خبير في الشؤون اليمنية إن زيارة الوفد الحوثي لـدولة العراق جاء بصفتهم حكومة رسمية لليمن، وهو تغير جديد لم تحظى به الحركة خلال الخمس السنوات الماضية؛ مضيفاً أن هذه الزيارة حملت العديد من الرسائل الأكثر أهمية.
 
وأضاف قنادباشی في مقال له بصحيفة "الوقت" الناطقة بالفارسية وترجمه "الموقع بوست"، أعطى مسؤولون عراقيون الوفد اليمني استقبال رسمي تماما كما تزور شخصية رسمية البلاد. وهذا يعني أن قادة العراق كجار العربية السعودية قد اعترفت رسميا بعملية بناء الحكومة التي انطلقت بعد تأسيس المجلس السياسي الأعلى لليمن. في الواقع، فهي قبلت بالمجلس السياسي كهيئة شرعية حاكمة لليمن.
  
وتشير الرسالة الأهم حسب المحلل الإيراني أن هناك نقطة تحول جديدة في عملية تطورات السنوات الخمس الماضية في البلاد. نقطة تحول تدل على ضعف شديد في سياسات التدخل من المملكة العربية السعودية وحلفائها في اليمن. ويعتبر هذا كما يزعم قنادباشي كنتيجة واضحة لمقاومة الحوثيين للسعودية خلال سنة ونصف ماضية.
  

ويتابع قنادباشي أن اختيار الحوثيين العراق كوجهة أولى لزياراتهم، فإنه يريد ما قال المحلل الإيراني أنه تسليط الضوء على ضعف سابق للرياض وعدم قدرتها على إدارة عملية بناء حكومة ناجحة في العراق.
 
واختتم بالقول: "وتشير هذه الرسالة غير المباشرة التي تتلقاها الحكومة السعودية إلى فشل تدخلاتها في عملية بناء الحكومة العراقية في السابق، في الوقت الحاضر فإنها فقدت تماما القوة لتدمير عزم الحوثيين لإدخال نظام سياسي وديمقراطي جديد إلى بلدهم. كما ترسل الزيارة رسالة هامة أخرى للعالم: شرعية المجلس السياسي الأعلى لا تقتصر على اليمن بل دول المنطقة التي تجد السلطة الإدارية الجديدة لليمن مشروعة".
 
ورغم تأكيدات لقاءات الحوثيين بالمسؤولين العراقيين ونشر صورهم معهم إلا أن وكالات الأنباء الرسمية العراقية إضافة إلى الصحافة لم تشر إلى تلك اللقاءات.


مطالبات الحكومة اليمنية

طالبت الحكومة اليمنية، السلطات العراقية بتوضيح موقفها الرسمي من استقبالها وفدًا حوثيًا، الأحد الماضي، واعتراف مسؤولين في بغداد بـ”المجلس السياسي الأعلى” المشكل من قبل الحوثيين، وحزب “المؤتمر الشعبي العام”.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ”، على لسان مصدر مسؤول في مجلس الوزراء، لم تسمه، أن “غموض الموقف العراقي الرسمي تجاه استقبال وفد مليشيا الحوثي، والسكوت عن الترويج الإعلامي لهذا الوفد عقب لقاءاته بمسؤولين عراقيين في بغداد حول اعتراف الحكومة بالمجلس السياسي للحوثيين، يستدعي من الرئاسة والحكومة العراقية إصدار توضيح عاجل حيال هذا الأمر”.

وأعرب المصدر الحكومي، عن الثقة، بأن جمهورية العراق الشقيقة حريصة على التضامن العربي، وأن الحكومة اليمنية تتوقع من خلال الإعلان عن موقف رسمي أنها لن تقف إلى جانب المليشيات الانقلابية تعبث باستقرار اليمن، وتهدد الأمن العربي والإقليمي.

ولفت أن الحوثيين رفضوا السلام – خلال مشاورات الكويت – مستمرين في خيارهم بقتل الشعب اليمني، وتدمير مؤسسات الدولة، وقطع أرزاقه تحت شعارات زائفة، وتصرفات طائفية لم يشهدها اليمن، ولن يقبلها.

من جانبها، اعتبرت الحكومة اليمنية أن استقبال العراق للحوثيين مخالف لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتحدٍ واضح لإرادة الشعب اليمني، والإجماع العربي، والدولي المؤيد للشرعية وإنهاء الانقلاب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: