استجواب وزير الدفاع وتسويق الصراع السياسي في العراق

احمد الساجر 2.3K مشاهدات0

 

يعلم الجميع أن الصراع السياسي في العراق، هو صراع على السلطة، سباقٌ محموم نحو الاستئثار بالمناصب والمكاسب والظفر بالغنائم، بين اطراف مليشياوية وفصائل مارقة وكتائب وقحة، تتبع جماعات متطرفة وأحزاب متآمرة وطبقة سياسية فاسدة.

 

جماعات تتخاتل وراء الدين، وتختبئ خلف رايات اسلامية، ثم تستخدم فتاوى واطروحات "خامنئية"، وهاي هي اليوم ترفع شعارات "الاصلاح"، ويدعون انهم مصلحون، وهم ليسوا كذلك بكل تأكيد، بل هم مخرّبون مجرمون فاسدون.

 

ساهمت الزوبعة الاعلامية التي تلت استجواب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، في إحداث خلاف بين العراقيين حول ما جرى تحت قبة البرلمان. لا يختلف نسق هذا الخلاف عن الخلافات السابقة، غير ان الذي يميز هذا الحدث هي الطريقة التي ادارت بها بعض مراكز القوى المحلية، والتي رأت فيه خروج عن السياقات المتبعة.

 

الرواية الاكثر تداولاً حول ما جرى، ترجح أن العُبيدي استشعر ان هناك شبه إجماع بين مختلف الكتل البرلمانية حول إدانته، بغض النظر عن القناعة باجوبته حول اسئلة الاستجواب، وأن فرص الخروج من مصيدة الاقالة كانت شبه معدومة، تحسّب لها العبيدي بخطوة خلطت الاوراق أمام البرلمانيين من جهة، ومنحت له فرصة فتل عضلاته أمام الجمهور العراقي، لتسويق نفسه ببروبكندا خطابية، اجادها وباقتدار، دغدغت مشاعر العراقيين المعارضين من داخل العملية السياسية، ومن الرافضين لها ايضاً.

 

حدث ذلك عندما اشار خالد العبيدي بجملة من الاتهامات لشخصيات من كافة الكتل والتحالفات السنية والشيعية على حدٍ سواء، فيما بقيت جبهة التحالف الكردستاني شبه محيدة عن هذه الاتهامات.

 

لا يختلف العُبيدي عن اقرانه من سنة السلطة، الساعين لكسب ود الاطراف الشيعية من جهة، والمتصارعين على الزعامة السنية الوهمية، المدعومة شيعياً من جهة اخرى.

 

غير أن بعض الأطراف الشيعية رأت في خطوة العبيدي فرصة لصناعة رمز سني جديد، يمكن التحكم فيه (مگدور عليه) هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن إستخدامه للنيل من بعض الأطراف السنية التي تتمتع ببعض المنافع السلطوية، والتي إستطاعت بطريقة وباخرى، إستثمار بعض نقاط الضعف في هذا النظام الطائفي المستبد، عندما استغلت ما يمكن استغلاله من المنافع الصغيرة، لدعم جمهورها الذي يعيش تحت سطوة المليشيات ووطأة التهجير.

 

ما يهمنا هنا أن أغلب الذين دعمتهم السلطة، سواء أكانوا من خارج السلطة أو من داخلها، إسلاميين أو علمانيين أو حتى بعثيين، أغلبهم ليس لديهم أي رصيد سياسي حقيقي، وهم يعتمدون في تسويق أنفسهم على الدعم الصريح من السلطة، يدعمون نكاية بالمعارضين السنة المشاركين بالعملية السياسية.

 

أما عن هدف دعم هؤلاء جميعاً، هو إنتاج وتسويق وتكريس، نخبة سنية سلطوية، تقبل بعلاقات القوة القائمة اليوم كما هي، والتي حكمت الوضع السياسي في العراق منذ 2003 ولحد اليوم، بحيث يصبح ليس بمقدور اي شخصية سنية الخروج عن سياق هذه العلاقات، والتي يصبح من يخرج عنها في حكم الميت سياسياً، والامثلة على ذلك كثيرة، ابتداءً من عدنان الدليمي ومروراً بـ طارق الهاشمي ورافع العيساوي واسامة النجيفي وانتهاءً بـ سليم الجبوري الذي باتت رمزيته السنية في مهب الريح.

 

المعضلة الكبرى في هذا المشهد هي أن الجميع بات يؤمن بضرورة الالتزام بسياق تلك العلاقات، وفق قواعد "فقه الهزيمة"، أي ان هناك منتصرين ومهزومين، وعلى الجميع الانصياع لها، مع محاولة تحسين شروط الهزيمة ليس أكثر.

 

ما أريد أن أصل إليه هو إنّ الحـديث عن وصـفة سـحرية للتوافق مع ثوابت الاطراف الشيعية السلطوية هو (خداع ذاتي سـني) من 2003 وحتى اليوم، بمعنى ان أي محاولة من سياسي سنة السلطة لإثارة إعجاب جمهور هذه الاطراف الشيعية [سـليم الجبوري انموذجاً] بتشـجيع من أطراف شيعية طبعاً، هي تسـعى بتشـجيعها إلى ان تتحول إلى (نهج سـني) وذلك بأن يبقى أن تجرّب تلك الاطراف السنية نماذجهم، وما على الأطراف الشيعية السلطوية إلا أن تنظر بالنموذج القادم، دون أن تتوافق مع أي نموذج من تلك النماذج، أو أن تصل مع أحدهم الى تسوية سنية شيعية، حتى تصبح طروحات تلك النماذج ومبادراتها مُسـتهلكة أو نافذة للصـلاحية.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: