1326 مدرسة أهلية في العراق .. الاستثمار والمنافسة
28/07/2016 3:00 م 10.3K مشاهدات0

هبوط مستوى التعليم وأداء كوادره ونقص المباني المدرسية في العراق بعد عام 2003، قدمت بيئة مثالية لظهور التعليم الأهلي، حيث سجلت وزارة التربية حتى الآن 1326 مدرسة أهلية خاصة في المراحل التعليمية الثلاث، وعدّتها قاعدة “مساعدة للتعليم الحكومي”، من دون إخفاء رغبتها بـ “توسيع الاستثمار في قطاع التربية بما يضمن نجاح التجربة”، إلى جانب طمأنة بخضوع تلك المشاريع لـ “الرقابة”.
ظهور تلك المدارس لاقى اقبالاً من الراغبين بـ”مستوى جيد” من التربية والتعليم لأبنائهم وذويهم بعد أن باتت نظيراتها الحكومية غير ملبية للطموح، حيث تضم المدارس الخاصة في الوقت الراهن نحو 125 ألف طالب وطالبة في مختلف المراحل، مقابل انتقادات من مواطنين ومختصين لتلك المدارس بكونها “مشاريع استثمار” تعنى بالجانب المادي على “حساب المستوى التعليمي”.
مدارس أهلية “ضعيفة المستوى” بديلة لأخرى حكومية “غير مؤهلة”
لجوء المواطنين إلى المدارس الأهلية الخاصة جاء هروباً من “آفة التدريس الخصوصي” في نظيراتها الحكومية التي عدّوها “غير مؤهلة”، على الرغم من انتقادهم للمدارس الخاصة لـ”افتقارها لمنهج تعليمي سليم”.
ويقول المواطن أسامة محمود، في حديث إلى (المدى برس)، إن “المدارس الأهلية تتميز بنظافتها وعدم اكتظاظ الصفوف وتوفير أجواء إيجابية للطلبة، لكنها تعاني في المقابل من ضعف المستوى التعليمي”، مبيناً أن “تلك المدارس تولي اللغات الأجنبية قدراً كبيراً من الأهمية في منهاجها على حساب المواد العلمية الأساسية”.
من جانبها ، تقول بشرى حسين وهي أم لطفلتين، إن “المدارس الأهلية نجحت بالحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، التي تعد أخطر آفة تواجه التعليم الحكومي”.
المدارس الخاصة .. “مشاريع استثمار” تستغل ضعف الرقابة
مشاريع التعليم الأهلي تهدف إلى تحقيق الأهداف “الاستثمارية” المتمثلة بالأرباح المالية على حساب الجانب التعليمي، في ظل “ضعف” رقابي من وزارة التربية، كما يرى مختصون.
ويقول مدرس اللغة العربية صلاح مزهر، في حديث إلى (المدى برس)، إن “مشروع التعليم الأهلي يهتم بالجانب الاستثماري المتمثل بتحقيق الأرباح المالية، على حساب الجانب التعليمي”، مبيناً أن “وزارة التربية اشترطت توفير أجواء إنموذجية في المدارس الخاصة من حيث المباني والكوادر التعليمية، لمنح الرخص”.
ويؤكد مزهر أن “العديد من المدارس الخاصة الموجودة حالية غير ملتزمة بالشروط التي حددتها وزارة التربية”، عازياً ذلك إلى “ضعف الدور الرقابي لوزارة التربية على تلك المدارس”.
المدارس الأهلية “ارتقت” بمستوى التعليم بخلق “المنافسة”
بالمقابل ، يرى أصحاب المدارس الأهلية أن مشاريعهم ودورهم التربوي أسهم في “الارتقاء بالتعليم”، في ظل “عدم قدرة الدولة” على النهوض بالمستوى التعليمي في المدارس الحكومية.
وتقول فوزية العاني، مديرة إحدى المدارس الأهلية في بغداد في حديث إلى (المدى برس)، إن “المدارس الأهلية ظهرت بعد عام 2003، وأسهمت في تطوير المسيرة التربوية من خلال خلق روح التنافس مع نظيراتها الحكومية، وتوفيرها الكثير من النشاطات والاحتياجات الجديدة والمطلوبة لمن يرغب بالتعليم الحقيقي”.
ولم تنفِ العاني وجود مدارس أهلية “دون مستوى طموح الأهالي بسبب ضعف مستوى ملاكها التعليمي أو عدم ملاءمة أبنيتها أو مخالفتها التعليمات”، محملة اللجان التفتيشية في وزارة التربية “مسؤولية متابعة المدارس الأهلية وضمان التزامها بالتعليمات”.
1326 مدرسة أهلية في العراق تضم نحو 125 ألف طالب وسعي حكومي لزيادتها
من جانبها، تكشف وزارة التربية عن وجود 1326 مدرسة أهلية في العراق يديرها أكثر من 12 ألف من الكوادر التعليمية وتضم نحو 125 ألف طالب، وعدّت تلك المدارس “قاعدة مساعدة” للتعليم الحكومي، محذرة من مدارس أهلية عراقية في الخارج.
ويقول وكيل وزير التربية علي الإبراهيمي، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الوزارة لا تعارض أو تمانع في تأسيس مدارس أهلية، بكونها قاعدة مساعدة للتعليم الحكومي، فضلاً عن دورها في رفع الثقل عن كاهل الوزارة في جوانب عديدة، على غرار الكثير من الدول التي تعتمد على التعليم الأهلي إلى جانب الحكومية في مسيرة التعليم”.
ولا يخفي الإبراهيمي طموح الوزارة الى “توسيع الاستثمار في قطاع التربية بما يضمن نجاح هذه التجربة”، مقابل تأكيدات بأن “لجان الوزارة تواصل جولاتها الدورية على المدارس الأهلية، لضمان الحفاظ على صيغة وطبيعة التعليم فيها”.
من جانبه ، يقول مدير عام التعليم الأهلي في وزارة التربية محمد ستار الجميلي، في حديث إلى (المدى برس)، إن “عدد المدارس الأهلية في العراق بلغ 1326 مدرسة، تضم نحو 124 ألفاً و629 طالباً وطالبة، ويديرها نحو 12 ألفاً و421 من الكوادر التدريسية”، مبيناً أن “الوزارة سجلت بعض الملاحظات على عدد من المدارس وتمت محاسبة القائمين عليها من خلال سحب رخصة المزاولة أو تغريمها مادياً”.
ويضيف الجميلي، أن “بعض المستثمرين تقدموا بطلبات لتأسيس مدارس أجنبية لا تعمل وفق نظام التعليم العراقي”، مؤكداً أن “الوزارة لم تمنح الموافقة لمثل تلك المدارس، حيث يشترط أن تحصل على موافقات من مجلس الوزراء أولاً”.
ويشير مدير عام التعليم الأهلي إلى “وجود مدارس أجنبية في العراق تعمل وفق النظام التعليمي العراقي منها المدارس التركية”، لافتاً إلى أن “أحد المستثمرين أنشأ مدرسة أجنبية تعمل وفق نظام جامعة كامبريدج في منطقة حي الجامعة، غربي بغداد، استقطبت عدداً من الطلبة لهذا العام وبدأت بتدريسهم على الرغم من عدم حصولها على موافقة الوزارة”.
ويكشف الجميلي عن “مشكلة أخرى تتمثل بالمدارس الأهلية العراقية في الخارج والتي تعمل دون الحصول على رخصة من الوزارة، ومنها احدى المدارس في مدينة مشهد في إيران، حيث تتلقى الوزارة عدداً كبيراً من المناشدات من أهالي الطلبة الملتحقين بمثل تلك المدارس بشأن مصيرهم أبنائهم”، داعياً الأهالي إلى “التنبّه والوعي إلى مثل تلك الحالات”.
ويبيّن الجميلي أن “ابرز شروط فتح مدرسة أهلية تتعلق بالمؤسسين والبناية المخصصة، حيث تتولى لجنة من الوزارة تقييم المبنى وصلاحيته وبحسب نوع المدرسة”، موضحاً أن “من شروط قبول المبنى أن يكون بمستوى تأثيث جيد فيما يخص المختبرات والصفوف وغيرها من مرافق المدرسة”.
يذكر أن العراق يعاني أزمة كبيرة في الأبنية المدرسية، إذ سبق لوزارة التربية وأن أعلنت من قبل عن حاجتها لقرابة ستة آلاف مدرسة لمعالجة اكتظاظ المدارس والدوام الثنائي والثلاثي فيها حالياً.
المصدر : المدى برس