نيويورك تايمز: حياة بائسة لحكم داعش في الفلوجة

هيئة التحرير 2.8K مشاهدات0

داعش من الداخل ... الدواوين

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تفاصيل قام بها مراسلها تيم ارانجو في مدينة الفلوجة العراقية تكشف بقايا حياة بائسة في ظل حكم داعش.

ويقول ارانجو إن المدينة تحمل الآثار الكئيبة لحكم داعش الذي استغرق ما يزيد عن عامين وتنتشر في الطرقات الجثث التي نحرت رؤوسها أو تعفنت، وهناك أيضا سجن حيث يتم حبس المعتقلين في أقفاص تناسب كلبا متوسط الحجم.

وأشار إلى أن الصورة التي كانت عليها الحياة داخل الفلوجة في ظل حكم داعش باتت أكثر وضوحا، لافتا إلى أن زيارة تم القيام بها مؤخرا لمناطق من المدينة وقعت تحت سيطرة القوات العراقية أوضحت أن القتال الضاري لا يزال مستمرا.

ولفت ارانجو إلى ما قاله المسؤولون بأنه بعد مرور عدة أيام على قيام القوات العراقية برفع العلم الوطني على المجمع الحكومي الرئيسي، والإعلان عن تحقيق النصر فإن المعركة تحولت إلى الأحياء الغربية حيث يرابض بعض من مقاتلي داعش والكثير منهم من الأجانب.

ونوه إلى ما صرح به الكولونيل "كريستوفر سى. جارفر" وهو متحدث باسم الجيش الأمريكي في بغداد، بأن حوالي ثلث المدينة قد تم تطهيرها من المتمردين، مشيرا إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون مع ذلك أن المدينة ستسقط في نهاية المطاف بين أيدي القوات الحكومية.

وذكر ارانجو أن المعركة لم تتكشف بصورة واضحة حتى الآن ويخشى البعض من تصبح قتالا يدور في دائرة مفرغة ومن منزل لآخر على غرار المعركة التي خاضها رجال المارينز الأمريكيين في عام 2004.

وأشارت الصحيفة إلى ما قاله العقيد محمد الجميلى وهو قائد جماعة سنة متحالفة مع الحكومة في محافظة الأنبار :"لم يقاتل داعش قتالا جادا هذه المرة لأن كبار قادة التنظيم تركوا المقاتلين لحال سبيلهم"، مضيفا أن الكثيرين من المقاتلين المحليين التابعين للتنظيم قاوموا في البداية لكنهم بدأوا في الانسحاب مع أسرهم بعدما بات من الواضح أن التحالف الفضفاض الموالى للحكومة والمؤلف من الجنود ورجال الشرطة ورجال الميليشيات والمقاتلين السنة له الغلبة في أرض المعركة.

وتابع يقول :"في عام 2004 قاوم عدد كبير من أهالي الفلوجة القوات الأمريكية لأنهم كانوا ينظرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية على أنها دولة غازية وكان التزاما عليهم من الناحية الدينية مقاومة القوات الأمريكية. وهذا المرة أدرك الأهالي أن هناك اختلافا وأنه لا يتعين مقاومة بني وطنهم".

ولفتت الصحيفة إلى ما قاله القادة بأن داعش بنى دفاعاته على محيط المدينة وأنه بمجرد اندفاع القوات العراقية عبرها فإنها تمكنت بسهولة من التحرك صوب مركز المدينة في الوقت الذي كان يفر فيه الكثير من مقاتلي تنظيم الدولة.

وقال ارانجو أن الدمار قد حل بالمدينة ويبدو بعض أجزاء منها مثل لقطة من فيلم خيال علمي بيد أن هناك مناطق أخرى من المدينة سليمة لم تُمس نسبيا، بيد أن حجم الدمار يقل في واقع الأمر عما حدث في الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي تم تحريرها في بداية العام، وهنالك دمر داعش الكثير من المباني في الوقت الذي كان ينسحب فيه، ناهيك عن أن القصف العراقي والضربات الجوية التي وجهها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وهو ما أدى إلى تسوية المزيد من المباني بالأرض في الرمادي.

ويرى أن المعركة على الفلوجة تسلط الضوء من جديد على وضع العراق كساحة للمنافسة على النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران، ففي أحد المناطق في المدينة هناك رجال عملوا عن كثب مع الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمان ومعروف عنهم أنهم مقاتلون أشداء وفي منطقة أخرى هناك وحدات الشرطة الفيدرالية التي أثبتت أنها مفيدة في الاندفاع صوب مركز المدينة بيد أن هناك أيضا مقاتلين شيعة تابعين لفيلق بدر وهو عبارة عن ميليشيا مدعومة من إيران وكان هؤلاء المقاتلون قد تعهدوا بعدم دخول المدينة بيد أنهم دخلوها متنكرين في زى رجال الشرطة الفيدرالية وفقا لما ذكره شهود العيان ومجموعة من المشرعين السنة الذين انتقدوا علانية هذه الخديعة.

وأضاف أن وجود رجال الميليشيات داخل الفلوجة أثار القلق داخل الجيش الأمريكي وعن ذلك قال الكولونيل جارفر :"نسمع عن شائعات تقول إنهم يرتدون زى الشرطة وهو ما يثير قلقنا لأننا لا ندعم هذه الميليشيات بل ندعم الشرطة الفيدرالية"، مشيرا إلى أن هذه الخديعة جعلت وكأن القوات الحكومية هي من يقاتل فقط في الفلوجة وهو ما أصرت عليه الولايات المتحدة على أساس أن وجود رجال الميليشيات في مدينة الفلوجة السنية من شأنه استثارة التوترات الطائفية.

وأكدت على أنه لم ترق بعد الدماء على نطاق واسع في ظل صراع طائفي في المدينة بيد أنه يتم اتهام الميليشيات التي اضطلعت بدور رئيسي منذ عدة أسابيع في الوقت الذي بدأت فيه القوات في تطهير ضواحي المدينة بارتكاب جرائم تعذيب وإعدام خارج نطاق المحاكم وقامت الحكومة بالقبض على بعض مرتكبي هذه الجرائم.

وترى الصحيفة أنه في كل منعطف في القتال الدائر في الفلوجة وفي المباحثات حول كيفية اقتلاع جذور داعش من مدينة الموصل وما تبقى له من معاقل في العراق فإن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو هل سيتمكن العراق من تحقيق المصالحة في الوقت الذي تخيم فيه التوترات الطائفية على كل شيء، وهناك سؤال آخر هل بعد القضاء على التنظيم في كافة أنحاء العراق هل ستظل إيديولوجيته جذابة للسنة في العراق الذين كان ينظر الكثيرون منهم إلى التنظيم على أنه يحميهم في مواجهة الحكومة التي يرأسها الشيعة في بغداد.

وأشارت الصحيفة إلى ما قاله "ريان كروكر" وهو سفير أمريكي سابق لدى العراق من أن الانتصار في الفلوجة لن يؤدي إلى سلام دائم، بل الأرجح أن ستتفاقم حدة الانقسامات الطائفية في العراق بسبب الدور المهيمن هنا لإيران التي تعد القوة الشيعية البارزة في المنطقة والتي تقف ضدوصول السنة إلى السلطة السياسية، مضيفا بأن الإيرانيين يهيمنون على الساحة السياسية وكذلك الحال مع ميدان المعركة ولا مجال للسنة.

المصدر : موقع الاسلام اليوم

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: