التيار الصدري … رهانات البقاء والتشظي

هيئة التحرير 4.8K مشاهدات0

   هيئة التحرير – الخلاصة   
مثّل التيار الصدري وتحولاته العسكرية والسياسية نقلة نوعية في طريقة تحريك الجمهور للحصول على المكاسب في كافة مراحل تشكل الدولة العراقية الجديد ما بعد 2003 هذه التحولات والانعطافات مثلت في معظمها تغيرات غريبة في المواقف وردود الأفعال ولكن ما جمعها دوما الحفاظ على مصالح مكتسبات التيار والحفاظ على تواجد مع القاعدة الجماهرية الحاظنة حتى بات يعرف بـ " تيار الفقراء".

ان من اهم التحولات التي شهدها تحركات التيار الصدري هي المظاهرات التي انطلقت أوائل عام 2016 والتي دعت الى اسقاط التجربة الجديدة واحلال طريقة جديدة في الحكم وكعادة التيار الصدر في رفع المطالب لتحصيل اكبر كم من المصالح ولكن هذه المرة لم تأت كل الرياح كما يشتهيه رَبابِنة التيار بسبب انفلات الأوضاع وحصول اقتحامات المنطقة الخضراء ومن ثم احراق واغلاق مقرات الأحزاب في المناطق الوسطى والجنوبية.


كل هذه المعطيات أدت الى دق جرس انذار إيراني من ان التيار الصدري يجب تفكيكه والسيطرة عليه من الداخل والخارج وسحب بؤرة التأثير نحو الخط الإيراني وعدم السماح لأي طرف بالعزف النشاز خارج سمفونية التوجهات الإيرانية.


الاستراتيجية الإيرانية تركز على شل اذرع التيار المتنفذة داخل المجتمع وتحجيم عناصر القوة واهم هذه العناصر هي المليشيا المسلحة التي يمتلكها التيار وتثملت استراتيجية التفكيك بطريقتين رئيسيتين هما اغتيال القيادات وترك القواعد بالقيادة فيسهل ترويضهم واغراء القيادات بالمال والسلاح والنفوذ للانشقاق عن التيار.خلال الفترة ما قبل ظهور تنظيم داعش انشق اكثر من فصيل  عن التيار الصدري لعدة أسباب ليس أولها الخلافات العائلية ولا اخرها خلافات المصالح والنفوذ. 


وبعد سقوط الموصل عام 2014 وتشكيل الحشد الشعبي بفتوى المرجعية الشيعية المشهورة عاد التيار الصدر للظهور بقوة عبر مليشيا سرايا السلام.وهنا أتت الفرصة المواتية لإيران لاحداث انشقاقات عدة ضمن الهيكل العسكري للتيار عبر دعم قادة ميدانيين واغرائهم لتشكيل فصائل صغيرة يسهل السيطرة عليها او حتى انهاءها عند الحاجة.

احدى هذه الظواهر هي انشقاق سعد سوار أحد كبار قادة مليشيا سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر، الذي ولد ردود افعال اعلامية وسياسيية ودينية في كربلاء والنجف، واثار لدى الاخرين حفيظة الانشقاقات المتوقعة القادمة خصوصاً بعد اختفاء الصدر عن الاعلام والجمهور خلال ايام رمضان، وتوقف الزخم الشعبي للمظاهرات في العاصمة بغداد الى ما بعد رمضان.
ولانشقاق سوار اسباب تتعلق حول المشاركة العسكرية وتوسيع النطاق الميداني في سوريا، تداخلها موجة من الخلافات الشيعية داخل قيادات الفصائل المقاتلة والمنضوية تحت راية زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الا ان اعلاميين أكدوا بعد موجات المظاهرات التي اكتسحت المحافظات الجنوبية من العراق بحرق مقرات الاحزاب التابعة لهم، وتكوين الوعي الجماهيري بايدلوجية جديدة، اظهرت وجود انباء مرتقبة لانشقاقات جديدة داخل البيت الشيعي.


هذه الحالة ولدت قوى شيعية من اللادولة لا تعمل مع الدولة والحكومة العراقية على المستوى السياسي والعسكري، بل تقف مع إيران ونفوذها وتنافس الحكومة العراقية على السلطة وبدأت تستهدفها، بالإضافة الى موجة من الاغتيالات "المكتم" عليها اعلاميا داخل صفوف المعارضة الشيعية، في محاولة من تلك القوى إدارة الدولة من موقع خارج سلطة المحاصصة بنفس النهج السابق لحكومتي المالكي السابقتين.


مقتدى الصدر يظهر للجمهور انه ميال إلى الدولة تارة، ويظهر تارة اخرى بتصريحات تؤكد اعتزاله المعترك السياسي، ويمكن توظيفه بخدمتها أمريكيًا، فكانت التظاهرات التي تزعمها تياره وهو على خلاف وصراع مع منظومة اللادولة التي أصبح يمثلها المالكي والعامري على وجه الخصوص، وقد دفعه اندفاعه إلى غضب إيراني سخر بعض المليشيات لضرب مدينة الصدر معقل التيار الذي يتزعمه.


من هو سوار ولماذا انشق ؟


يعتبر أحد قادة جيش المهدي سابقا في منطقة الشعلة ذات الغالبية الشيعية شمال غرب بغداد، وقد عرف بمشاركته بالتطهير الطائفي في أعوام 2006 و2007، واعتقله الجيش الأمريكي، وعاد الى ساحة القتال بعد انطلاق الصراع العسكري في سوريا بمشاركته مع فصائل ابي الفضل العباس ومن ثم مع سرايا السلام أحد تشكيلات الحشد الشعبي وظهر في مقاطع فيديو يقاتل في اطراف منطقة الكرمة (منطقة سنية احتلها داعش لعد سقوط الموصل عام 2016 ) غربي بغداد أوائل عام 2015.


وعلى الرغم من بيانات الصدر التي تبرأت من حركة سوار تارة، وتارة اخرى ترجوه المسامحة والعودة خوفا من نشر وثائق تدين الاول، إلا أن الأخير نجح في إنشاء تشكيلات أطلق عليها “جيش المؤمل” في محافظات العراق الوسطى والجنوبية.


وانضم سوار إلى حركات منشقة عن التيار الصدري منها “العصائب” التي يرأسها قيس الخزعلي و “كتائب أبي الفضل العباس” التي يرأسها أوس الخفاجي وآخرين جميعهم انشقوا عن التيار الصدري بدعم وتسليح إيراني وبسبب صراعات وخلافات سياسية حول النفوذ الديموغرافي والسياسي في المنطقة.


وكان سوار قد أسس كتيبة من مقاتلي جيش المهدي، وشارك بالمعارك الدائرة في محافظة الأنبار وخصوصا قضاء الكرمة المجاورة لمنطقة الشعلة، وعندما سيطر داعش على الموصل في 2014، أصبح سعد سوار من قيادات ميليشيا سرايا السلام.


وكان ناشطون نشروا في وقت سابق صورا لـ"سعد سوار" رفعت في عرض عسكري أقامتها مليشيا "فوج التدخل السريع العراقي" في شوارع حي السيدة زينب بدمشق.
وتقول مصادر مقربة من التيار الصدري إن سوار الذي يتمتع بشعبية داخل التيار الصدري، تلقى نحو 3 ملايين دولار أمريكي من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي فضلاً عن أسلحة تقدر بمليون ونصف المليون دولار لتشكيل ما يعرف بـ ” جيش المؤمل” بمساعدة من بعض شيوخ العشائر الموالين للمالكي في مدن الجنوب الشيعية.
ويرى مراقبون ان حصول سوار على هذه المبالغ وبدعم لوجستي من ايران وبعض الفصائل الشيعية المقاتلة والمخالفة للمنهج الصدري، قد اثار لديه فكرة الانشقاق على ضوء خلافات قال عنها مراقبون انها الخطوة الاولى للانشقاق والتفكك الشيعي القادم.


وانشق سعد سوار القيادي السابق في الجناح العسكري للتيار الصدري والذي كان يعرف بـ”جيش المهدي” ثم ”سرايا السلام” عن التيار الصدري إثر خلافات مع زعيمه مقتدى الصدر، بشأن الموقف من القتال في سوريا، قبل أن يذهب بشكل منفرد إلى الشام للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد، من دون علم مقتدى الصدر الذي يرفض القتال هناك.


تفكك شيعي قاتم


يؤكد اعلاميون ان الأشهر القليلة الماضية شهدت اغتيالات وصدامات متبادلة بين فصائل سرايا السلام وعصائب أهل الحق، فالعبادي يحاول استمالة الصدر لإجراء اتفاق سياسي عسكري مع مقتدى الصدر لدعمه في توجهاته الإصلاحية، لكنه بحاجة لقلع منظومات الفساد بحالة فوضى مؤقتة وبرعاية الولايات المتحدة الداعمة لهذا التوجه لأنه مع منظومة الدولة ويحارب منظومة اللادولة التي ترعاها إيران وهو مع الحل السياسي الداعم للدولة ورافض بصيغة أو بأخرى النفوذ الإيراني.


من جانب اخر، كشف القيادي في التيار الصدري ناصر السويعدي، عن انشقاقات جديدة في التيار وتشكيل حركات مسلحة جديدة لا تخضع لقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وقال السويعدي في حديث صحفي إن ”القيادي في التيار سعد سوار انشق قبل أيام وشكل قوة عسكرية جديدة تحمل اسم جيش المؤمل برعاية مالية وتسليح مباشر من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي “مضيفاً أن ”جيش المؤمل لا يخضع للصدر”.


وتشير المصادر إلى أن مهاجمة الصدريين لمقرات الأحزاب الشيعية الموالية لإيران دفعت الأخيرة إلى رصد مبلغ مالي يقدر بـ”150″مليون دولار وأسلحة تقدر بـ”20″مليون دولار لتمويل وتسليح القادة في التيار الصدري الراغبين في الانشقاق عن سلطة الصدر أو ممن لديهم خلافات معه.


ويقول مراقبون ومهتمون بالشأن العراقي إن “قوى شيعية مناهضة للتيار الصدري وموالية لإيران بقيادة من المالكي تتحرك داخل الأوساط الشيعية في جنوب العراق بهدف رفع الغطاء الشعبي عن التيار الذي يعرف بـ ”تيار الفقراء” وإحلال جهات مليشياوية وعقائدية شيعية محله في مدن الجنوب من خلال تشجيع المنشقين وتمويلهم وصولاً إلى تفكيك التيار الصدري المناهض للهيمنة الإيرانية في العراق”.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: