بين الفلوجة والموصل والرقة.. محاربة “داعش” مكبلة بالسياسة
08/06/2016 9:36 ص 1.7K مشاهدات0

في الحرب ضد تنظيم داعش سواء في العراق أم في سوريا، تكبل حبال السياسة الغليظة استراتيجية القتال، والخطوات التكتيكية في أرض المعركة، وتحدد بذلك شكل القتال ونتائجه؛ وعلى عكس ما يبدو، فإن تحرير الموصل، والفلوجة، والرقة، ودير الزور، ليس إلا بداية الطريق إلى استقرار سوريا والعراق.
فبحسب المحلل العسكري والاستراتيجي لصحيفة “هآرتس” العبرية، في كلّ من العراق وسوريا، هناك أقليات مقاتلة، ومليشيات مستقلة، وأصحاب مصالح خارجيون؛ مثل إيران، وروسيا، والولايات المتحدة، الذين سيسعون للسيطرة على طاولة ترسيم الحدود الداخلية والخارجية لكل من سوريا والعراق.
الفلوجة وشبح المذابح
تدور معركة الفلوجة بضراوة شديدة، ويتعرض الناس هناك لخطر المذابح من عدة جهات، فوفقاً لما قاله تسبي بارئيل، المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية، فإن داعش يهدد مئات آلاف السكان المحاصرين في المدينة بالقتل والذبح إذا حاولوا الهرب.
من ناحية أخرى لن تتردد المليشيات الشيعية -إذا تحررت المدينة من قبضة داعش- في تصفية حساباتها مع السنة، وارتكاب مذابح بحقهم؛ بسبب مزاعم دعمهم للتنظيم في السنة الأخيرة.
وعلى الرغم من توضيح قادة المليشيات الشيعية أنهم سيحاربون خارج المدينة فقط، ولن يعلنوا القتال داخلها، إلا أن شيئاً لا يضمن سلوك المليشيات الشيعية ضد السنة بعد تحرير الفلوجة، فالمشاهد القاسية والوحشية من مدينة الرمادي التي حررت بداية العام الحالي، ما زالت عالقة في أذهان المجتمع السنّي، الذي ما زال الكثير منه محروماً من العودة لمنزله في المدينة المدمرة.
الموصل.. معركة مؤجلة
ويقول بارئيل إنه من الصعب السيطرة على الجيش العراقي، الذي عليه الوقوف ليس فقط بوجه داعش، إنما أيضاً بوجه المليشيات الشيعية الممولة إيرانياً، والقوات الكردية الفاعلة شمالي البلاد، وتخطط للمعركة الكبيرة ضد مدينة الموصل.
في هذا السياق يذكر الكاتب أن الولايات المتحدة حاولت إقناع العبادي بتأجيل معركة الفلوجة، والاكتفاء بفرض حصار عليها، والبدء بدلاً من ذلك بمعركة الموصل، لكن الأمر لم ينجح، واكتفى العبادي بتعيين الجنرال السعدي –وفقاً للتوصية الأمريكية- للقيادة، على الرغم من كونه شخصية غير محببة عند المليشيات الشيعية.
ويضيف الكاتب أن معركة الموصل ستؤجل لموعد آخر لم يحدد بعد، لكن من المرجح أن يكون الخريف موعداً مناسباً، وذلك بحسب اعتراف قادة الجيش الأمريكي الذي نقلته الصحيفة، في هذا السياق يذكر بارئيل أن هناك أكثر من 4000 مقاتل، ومستشار، ومدرّب عسكري أمريكي، فاعلين في العراق، وهم محبطون من الطريقة التي تدار فيها شؤون الجيش العراقي.
فبحسب وسائل إعلام أمريكية لا يلتزم جنود الجيش العراقي، ويتغيبون عن التدريبات، أو يتأخرون عنها بشكل مستمر، كما أن قدراتهم غير ملفتة، والمعدات العسكرية والأسلحة التي يمتلكها الجيش هي خليط من الأدوات ذات الصناعة الأمريكية والروسية، التي تحتاج صيانة وإصلاحات جذرية، الأمر الذي تعيقه البيروقراطية والخطوط اللوجستية الطويلة.
وبسبب هذه الصعوبات اللوجستية توقفت المعركة التي بدأت لتحرير الموصل في شهر مارس/آذار الماضي، بعد السيطرة على بعض القرى الواقعة بجهتها الجنوبية فقط، ومنذ ذلك الحين تراوح القوات مكانها فلا تستطيع الاستمرار بالقتال، حتى الآن.
الرقة وأهمية العشائر
وفي سوريا يتقدم نحو الرقة -معقل تنظيم داعش الثاني- جيش الأسد، تحت المظلة الجوية للجيش الروسي من جهة، والقوات الكردية التي تتلقى دعماً أمريكياً من جهة أخرى، ويفصل الآن بين قوات الأسد ومداخل المدينة 50 كم تقريباً، بعد أن قام حتى الآن بالسيطرة على عدد من المفترقات الحيوية المؤدية للمدينة، لكن في كل الأحوال من المنتظر أن يتم التنسيق الكامل بين روسيا وواشنطن لخوض المعركة الأساسية ضد التنظيم في الرقة، وهنا يذكر أن التنسيق بين الطرفين بالمجال الميداني العسكري يعتبر ضعيفاً، في حين أن غالبية التنسيق تجري على صعيد المعلومات الاستخبارية.
ويذكر الكاتب أن قدرات القوات المقاتلة في سوريا أفضل من نظيرتها في العراق، إلا أن هناك أسئلة سياسية ثقيلة الوزن تؤثر في استراتيجية القتال ونتائجه، أحد هذه الأسئلة هو حول مصير الرقة، هل ستتبع لسيطرة الإقليم الكردي كما طالبت قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا؟ أم سيسيطر عليها نظام الأسد؟
وفي هذا السياق يرى الكاتب أن تحرير الرقة من أيدي داعش سيوقف تركيا على رجليها كي تمنع تطور أي سيناريو يؤدي إلى ضم الرقة للإقليم الكردي؛ لأن ذلك يسهم في خلق تواصل جغرافي مع الإقليم الكردي في العراق، أما الولايات المتحدة التي تدعم حتى الآن “سوريا الموحدة” فستتعرض لضغوط مختلفة من جانب الأكراد وتركيا.
وإلى حين توزيع “فرو الدب” على القوى المختلفة، يعتبر التحدي العسكري الأكبر هو إقناع القبائل السنية في الرقة بالقتال ضد 12 ألفاً من مقاتلي داعش في سوريا، فهذه القبائل منقسمة الولاءات؛ منها ما يدعم الأسد، ومنها ما يقف ضده، ومنها أيضاً من يستخدمه داعش شمّاعة لوجستية، فمنح قادة العشائر بعض حقول النفط وامتيازات اقتصادية أخرى، ويرى الكاتب أن لهذه العشائر أهمية كبرى وأساسية، إذ قال: إن شبابها “يمتلكون مفاتيح المدينة ومستقبلها”.
المصدر : الخليج اون لاين