التواجد الايراني على ارض العراق .. ومستقبل الخليج

هيئة التحرير 2.3K مشاهدات0

تحشد إيران منذ فترة طويلة على خلق واقع عسكري جديد يميل بالكفة إلى صالحها داخل الأراضي العراقية عبر شبكات من الفصائل المقاتلة الموالية لها، والحركات الشيعية، وخبراء التدريب والاستشارات العسكرية، ليس هذا فحسب بل أصبح التواجد الإيراني على أرض الواقع أمراً يعرفه القاصي والداني، فها هو قاسم سليماني يتجول في بغداد ويحشد مليشياته في كل مكان وسط ترحيب كبير من قبل القوى الحاكمة في العراق.

وأعلنها الرئيس الإيراني حسن روحاني صراحة أن رئيس “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، قام بدور بطولي في العراق.

وقال في كلمة ألقاها في مدينة كرمان الإيرانية، قبل أيام، إن آثار بطولات قاسم سليماني موجودة في العراق وسورية وأفغانستان وفلسطين، وهو بذلك يريد أن يؤكد أن لديهم الحق في التدخل بالدول المذكورة لأنها كما ذكرها في الخطاب “مواقعنا المقدسة في العراق وسورية، والدفاع عن المستضعفين في لبنان وفلسطين وأفغانستان”، ولم يكتفي بذلك بل أضاف ” وفي أي مكان يطلب منا ذلك”.

لكن الحدث الأبرز مؤخراً هو إعلان إيران تهيئة خمسة ألوية عسكرية لإرسالها إلى الأراضي العراقية حسب تصريحات لقائد القوات البرية الإيرانية العميد أحمد رضا روردستان الجمعة الفائتة.

بوردستان قال إن “القوات الإيرانية هيأت خمسة ألوية من القوات البرية ميدانياً، وأنجزت عمليات الاستطلاع في الجانب الآخر من الحدود العراقية، وأصبحت جاهزة للاشتباك بشدة”. مؤكداً أن “المروحيات باشرت التحليق فوق مناطق عراقية، فيما تواصل عناصر استخباراتية إيرانية مراقبتها لجميع المناطق العراقية، من خلال تحديدها عبر الخرائط وتسجيل المسارات بمنظومات تحديد الأمكنة،  ليتم قصفها بنيران المدفعية الثقيلة”.

وقال العميد بوردستان في تصريح لصحيفة “صف” الصادرة عن الجيش الإيراني، ونشرتها وكالة فارس للأنباء، إن “القوات الإيرانية في حال شعرت بأن الإرهاب يعتزم عبور خط الأربعين كيلومتراً داخل العراق، فهي ترى أن من حقها الدخول إلى الساحة والتصدي له داخل الأراضي العراقية”.

وقبل أسابيع أرسلت إيران قرابة 100 مستشار عسكري من كلية الإمام الحسين العسكرية التابعة للحرس الثوري إلى سوريا والعراق في مهمات استشارية وتدريبية قيادية، في حين تواصل إرسال المقاتلين بشكل مستمر إلى كلا البلدين بذريعة دعم الحشد الشعبي ضد داعش في العراق، ودعم النظام السوري ضد الجماعات الإرهابية حد وصفها.

تلك هي ذرائع إيران في تواجدها على الأراضي العراقية، وهي محاربة الإرهاب وحماية الحدود الإيرانية من توغل داعش، لكن الواقع يقول أنها تحاول بكل ما تملكه من قوة أن تحاصر الخليج وتحديدا المملكة العربية السعودية من الحدود الشمالية العراقية عبر مليشياتها المتعددة في العراق، ومن جهة أخرى الحدود الجنوبية اليمنية عبر أدواتها في اليمن وهي مليشيات الحوثي وصالح التي انقلبت على سلطة الرئيس هادي وسيطرت على جيش الدولة بكل عتاده العسكري.

وتحاول إيران أن تعزز من تواجدها العسكري على الحدود العراقية السعودية، فقد رصدت تقارير إعلامية في مارس الماضي عن قيام إيران بتخزين أسلحة على الحدود العراقية السعودية في ظل التحذيرات التي يطلقها عشائر القبائل من وجود هذه الأسلحة وخطورتها على أمن المملكة والعراق.

وبسبب تواجد الحشد الشعبي في تلك المناطق الحدودية، سهل الأمر كثيراً على الحرس الثوري الإيراني أن يقوم بمهماته العسكرية وتخزين السلاح في المناطق الحدودية في ظل محاولات إيران زعزعة أمن الخليج والسعودية العدو التاريخي لطهران.

وبدأ اهتمام إيران بتلك المناطق المحاذية للسعودية منذ وقت مبكر، فهي تتواجد في الأراضي العراقية ليس من أجل السيطرة على العراق فحسب بل من أجل تهديد أمن المملكة وتنفيذ كل ما يزعزع استقرارها على الحدود وإن تمكنت من زرع أدوات داخلية لنشر الفوضى فلن تتردد في ذلك، فتجربتها حافلة بنشر الفوضى في عدد من الدول العربية.

وتقول عشائر قبلية في العراق أن مليشيات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني يحاولان دفع تنظيم داعش للهرب نحو الحدود السعودية العراقية، من أجل تبرير انتشارهما في تلك المناطق الحدودية، وتؤكد أن حجم السلاح المنتشر والمخزن في تلك المناطق الحدودية يفوق الاحتياجات البشرية والعسكرية في مواجهة داعش، وأن خطر انتشار مليشيات الحشد الشعبي سيشكل خطراً كبيراً على المملكة، لأنها لا تتبع الحكومة العراقية، بل تتبع قيادات طائفية تنفذ أجندة إيرانية.

ولعلنا نتذكر ما جرى في ديسمبر 2015، عندما اقتحم قرابة نصف مليون إيراني للحدود العراقية والدخول بصورة غير شرعية بمناسبة أربعينية الحسين. نصف مليون إيراني دخلوا إلى العراق ومن يدري فقد يكون أغلب هؤلاء رجال استخبارات وقادة عسكريون واستشاريون وعملاء وغيرها، ما يعني أن الأرض العراقية أصبحت متاحة لإيران بكل سهولة شرقاً وغرباً، وهو الأمر الذي يجب على السعودية والخليج أن تعمل له ألف حساب.

وقد حذر حينها أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله النفيسي، من خطر ما جرى بعد اقتحام الإيرانيين منفذ “زرباطية” الحدودي، مؤكداً أن ما جرى على الحدود العراقية- الإيرانية هو تجريب لاستراتيجية “الموجة البشرية”.

وحذّر دول مجلس التعاون عبر صفحته بـ “تويتر” قائلاً: تدرس إيران إمكانية تطبيق سيناريو (الموجة البشرية) على دول التعاون عبر اليابسة العراقية.

إن كل هذه التحركات الإيرانية في الداخل العراقي والتركيز على الحدود العراقية- السعودية، لهو مؤشر خطير على أمن الخليج والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، فحدث دخول نصف مليون إيراني إلى العراق بدون وثائق رسمية، واستعداد 5 ألوية عسكرية لمحاربة داعش، وتحركات قاسم سليماني ومليشياته المسلحة داخل عمق الأراضي العراقية، وخنوع السلطة العراقية لملالي إيران أمور كافية لكي تعمل دول الخليج على إعادة رؤيتها للملف العراقي وتأثيراته على أمن الخليج، وضرورة وضع حد لكل هذه التدخلات المستفزة.

المصدر : مجلة البيان

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: