سيلفي الفلوجة

هيئة التحرير 1.9K مشاهدات0

سيلفي الفلوجة

 

     

 سيف ناصر

في العراق كل شيء مختلف.. حتى صور السيلفي التي عرفها العالم في نقل كل غريب وفريد في بلدنا مختلفة، حيث يكون السيلفي من أرض المعركة.

وكان الأمر اعتيادياً حتى جاءت الفلوجة فأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لسياسيي العراق وزعماء الميليشيات الشيعية بصور سيلفي وفي وضعيات تظهر علامات النصر والثقة لدى تلك الشخصيات بعد مرحلة بالغة السوء بالنسبة لها وصلت فيها سمعتها إلى الحظيظ.

فعمار الحكيم وهادي العامري وأوس الخفاجي وغيرهم كثير حرصوا أن يكونوا في مقدمة ملتقطي الصور على حدود الفلوجة، في مشهد لم يتكرر منذ عمليات السيطرة على تكريت.

ويبدو أن تحركات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأتباع تياره في بغداد والتي جعلت من المنطقة الخضراء رمز السلطة في بغداد إلى ساحة للمجيء والذهاب وميدان التظاهر لهم متى أرادوا ذلك دورها في تحفيز الرموز السياسية الشيعية على الاندفاع أكثر باتجاه ساحة المعارك للدلالة على بقائهم ضمن دائرة اللعبة السياسية العراقية.

وبمقابل هؤلاء كان هناك تيار سنّي معارض للمعارك الجارية للسيطرة على الفلوجة، متبنياً خطاب الوطنية ومظهراً صورة الفلوجة بمظهر الرمز للمقاومة للمشروع الإيراني الفارسي في العراق –مع إيماننا بأنها كذلك-، إلاّ أنه يتجاهل الحديث عن الطرف المواجه للقوات الحكومية وما يساندها من الحشد العشائري الساعية لإعادة السيطرة على الفلوجة في محاولة للتغطية على تنظيم “الدولة” وسيطرته على الفلوجة وحصاره المطبق على أهلها منذ أكثر من عامين حتى باتت المدينة تعاني من مجاعة ونقص حاد في المستلزمات الطبية.

هذا التيار الذي تقوده هيئة علماء المسلمين ومن بعدها صحفيون أمثال حامد حديد وحسين دلي هو كذلك اليوم يبحث عن تواجد في مشهد الحرب على الفلوجة، أو صورة “سيلفي” مع المعركة وإن كانت عن بعد، لإظهار نفسه بمنطق صوت المقاومة المساند لأهل الفلوجة في معركتهم حتى وإن كانوا هم أنفسهم يخرجون مهللين ومستقبلين للقوات المقتحمة لمدينتهم بعد أن باتوا يقتاتون على طحن نوى التمر وبإقل من وجبة واحدة يومياً.

بين صورتي السيلفي الأولى والثانية وعلى اختلافهما نقطة جوهرية مشتركة وهي بحث عن رمزية وسط قعقعة سلاح المعركة، إلاّ أن كلاهما نسي أن يضع في خلفية صورته صورة للأم التي انتحرت مع أولادها الأربعة بعد أن عجزت عن إطعامهم وأصبحت لا تطيق مطالبتهم لها بالغذاء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: