شحة اللقاحات في العراق تهدد حياة 6 ملايين طفل

هيئة التحرير 1.5K مشاهدات0

وسط الكم الهائل من الخراب الذي يحيط بنا من شتى الاتجاهات يحاول كل رب أسرة المحافظة على ابنائه من الاخطار المتعددة، ومن هولاء حامد أب لثلاثة توائم بعمر السنة أتى بهم للمرة الثالثة الى المركز الصحي من أجل أخذ اللقاح. في المرة الاولى اخبره الموظف ان اليوم غير مخصص للقاحات، والثانية لم يجد الموظف المختص باعطاء اللقاح حسب قول موظف الاستعلامات وفي المرة الثالثة اخبروه ان اللقاحات نفدت بانتظار وجبة جديدة تصلهم قريبا. حامد ذهل وهو يسمع الموظف الثاني يقول لزميله هناك ازمة باللقاحات. تعاون مع زوجته على حمل اطفاله والعودة بهم الى حين توفر اللقاحات في المركز الصحي.

 

لقاحات شهر تموز فقط

عن شحة اللقاحات وتوفرها ذكر معاون مدير عام دائرة الصحة العامة د. محمد جبر لـ(المدى) نعم لدينا مشكلة في توفر اللقاحات والموجود الحالي يكفي لغاية شهر تموز المقبل فقط. مبينا: انهم يجرون الآن مفاوضات سريعة مع منظمة اليونسيف لاجل المساعدة بتوفير اللقاحات. مردفا: كما تم مفاتحة منظمة الصحة العالمية لأخذ دورها الاساسي في دعم العراق لغرض توريد اللقاحات من خلال تسير العقود أو من خلال تزويدنا بتلك اللقاحات لحين تخطي الازمة المالية التي تعيشها البلاد.

الفرق الصحية والأزمة المالية

وأشار جبر: الى أن العراق يعد من البلدان المساهمة في تأسيس منظمة الصحة العالمية. منوها: الى دور المنظمة الكبير في دعم القطاع الصحي في البلاد من خلال تدريب الكوادر الطبية والملاكات الصحية. مشددا: ان برنامج التحصين المعمول به حالياً يستفيد منه أكثر من (6) ملايين طفل ما يعني وجود خطر حقيقي في حال عدم تأمين اللقاحات في الوقت القريب.
وأكد معاون مدير عام دائرة الصحة العامة: أن البرنامج يشمل اللقاح السادسي والخماسي والرباعي ولقاح الحصبة ولقاح الحصبة المختلطة والثنائي الخاص بشلل الاطفال. لافتا: الى ضرورة ان تُعطى هذه اللقاحات في اوقاتها المحددة للطفل بما فيها لقاحات التطعيم. موضحا: نمتلك القدرة البشرية والفرق الصحية الكفيلة لتأمين اللقاح لكل طفل وفي أي موقع لكن الازمة المالية تعد العائق الاول الآن.

300 عقد متوقف

المتحدث الرسمي في وزارة الصحة دكتور أحمد الرديني  بين بحديثه لـ(المدى): ان هناك قرابة (300) عقد متوقف في وزارة الصحة بسبب الازمة المالية. مبينا: ان موضوع اللقاحات من بينها. مشيرا: الى اغلب تلك العقود تعود الى الشركة العامة لتسويق الادوية والمستلزمات الطبية.
وأضاف الرديني: فاتحنا وزارة المالية لغرض تأمين المبالغ اللازمة لبعض العقود الهامة ومنها تأمين اللقاحات للاطفال دون سن الخامسة من العمر. مردفا: سيما أن الوزارة وبالتعاون مع المنظمات الدولية حققت نتائج كبيرة للسيطرة على العديد من الامراض ومنها شلل الاطفال والحصبة خلال الاعوام الماضية. مؤكدا: أن الوزارة لم تتوقف في الوقت الحاضر في تأمين تلك اللقاحات بل دعت المنظمات الدولية ومنها تحديداً منظمة اليونسيف والصحة العالمية للممارسة دورها في تأمين اللقاحات.

التحصين والصحة العامة

مكتب منظمة الصحة العالمية في العراق بين لـ(المدى) عبر البريد الالكتروني رداً على سؤال حول اهمية اللقاحات والتحصين والتطعيم وعملهم بتوفيرها في الوقت الحاضر بالقول: يعد التحصين أحد اهم الوسائل الفعالة في مجال الصحة العامة وخاصة للاطفال. وان المنظمة تحرص على ديمومة تلك اللقاحات وتوفيرها خاصة للاطفال والنساء.
وأشارت المنظمة: وجود تهديد بانقطاع امدادات اللقاحات. مردفة: إلا ان منظمة الصحة الصحة العالمية وبالتنسيق مع اليونسيف واشراف وزارة الصحة العراقية يحاولون جاهدين تجنب حصول ذلك وبالتالي تجنب الامراض التي قد تسبب الوفاة للاطفال أي الاطفال والنساء الحوامل- اكثر الفئات المهمشة في اي مجتمع.

خدمات الرعاية الصحية الاولية

وفي السياق ذاته أعلنت منظمة الصحة العالمية على لسان ممثلها ألطاف موساني أن حكومة اليابان  قدمت دعما سخيا بقيمة (3) ملايين دولار اميركي لتمويل عمل منظمة الصحة العالمية في العراق. مبينا: ان هذه المنحة ستعزز بشكل مباشر خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية المنقذة للحياة في دهوك وسهول نينوى حيث يعيش أكثر من 600 ألف شخص فضلا عن تعزيز خدمات الوقاية والكشف المبكر واحتواء تفشي الامراض في (11) محافظة من محافظات العراق. مشددا: أن هذه المساهمة السخية من حكومة اليابان جاءت في الوقت المناسب لتدعم جهود المنظمة في التخفيف من أثر الصراع الجاري على نظام الصحة العامة المثقل بالأعباء في العراق.

كسب ونقص المناعة

عن أهمية أعطاء اللقاحات والنتائج العكسية في حال عدم التلقيح بيّن مدير قسم الصحة العامة في دائرة صحة بغداد الرصافة الدكتور بشار عبد اللطيف لـ(المدى) أن اعطاء اللقاحات في أوقاتها المحددة ضروري جداً. موضحا: ان اللقاح بشكل عام يُعطى لفرض تحصين الطفل وكسب المناعة. مبينا: ان البرنامج المقرر من قبل الوزارة والمتضمن جولات التلقيح الموسمية اعطت نتائج ايجابية وكبيرة في الحد من الامراض التي كانت تصيب الاطفال سابقا. وأشار عبد اللطيف: الى ان اللقاحات وحملة التوعية استطاعت القضاء على العديد من الامراض، وتقليل مخاطر اخرى. مشددا: أن عدم اعطاء اللقاح في اوقاته المحددة ستكونله هناك نتائج عكسية منها تقليل نسبة المناعة عند الطفل بشكل تدريجي. متابعا: لهذا ننصح العديد من المنظمات الدولية والاطباء والباحثين على اهمية اعطاء اللقاحات في اوقاتها المحددة من اجل سلامة وصحة الاطفال والنساء الحوامل.

مشروع الرعاية الصحية

أثناء البحث والتحري عن اعداد المنظمات الدولية التي ساهمت في تمويل العراق والخاص ببرنامج الرعاية الصحية، استذكرت جيداً حضوري لبعض الندوات التي اقيمت  من قبل الوكالة الاميركية للتنمية الدولية خاصة مشروع الرعاية الصحية الأولية في العراق والممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) لكن للأسف لم اجد ان هناك شيئا ملموسا على ارض الواقع او نتائج ايجايبة لهذا المشروع الذي عقدت عليه الآمال و تحوّلت بالنهاية الى خيبات.
وينص المشروع على استخدام الدليل الميداني الذي من لدن الكوادر المعنية برصد الأمراض الانتقالية والمدربة من قبل المشروع بضمنهم (677) من الملقحين والمشرفين لدعم العاملين في مجال الرعاية الصحية الأولية وتطوير قدرتهم على تشخيص حالات الشلل الرخو الحاد ومعالجته والتبليغ عنها. إضافة إلى ذلك، يقوم المشروع بتنفيذ نظام السجل الإلكتروني للتلقيحات(EVP)، وهي وسيلة لا تحتاج للعمل الورقي في جمع البيانات الخاصة بالأطفال وفرق التلقيح خلال حملات التحصين بما يمكّن القائم على الحملة من مراقبتها آنياً وجمع البيانات الدقيقة والتعقب الجغرافي.

سوء تقدير الحاجة

الدكتور الصيدلاني فراس عبد الستار  يوضح لـ(المدى)  أن تقدير الحاجة مهم جدا في تأمين الادوية واللقاحات. مضيفا: على المعنين في الوزارة الأخذ بنظر الاعتبار الحاجة الحقيقية والاولوية في تأمينها في ظل الظروف ألاستثنائية التي تعيشها البلاد اذ كانت الأزمة المالية و محاربة داعش. مشيرا:  الى ان  البيانات المقدمة من أي مركز صحي أو مستشفى حكومي حول الحاجة الفعلية وفقا لحسابات غير واقعية ولادقيقة ستؤدي إلى سوء التقدير الامر الذي ينعكس سلباً على المؤسسة الصحية ما يخلق فجوة بين تلك المؤسسة والمواطن بالتالي سينعكس ذلك على الصحة العامة.

البيانات الرسمية الدقيقة

وإسترسل عبد الستار: وعليه يجب ان يكون تقدير الحاجة مرتكزا على قاعدة بيانات محددة تشتمل على جملة من الأسس بينها البيانات الرسمية الدقيقة التي تخص الامراض والمجال الذي تستخدم فيه الأدوية. مشيرا: الى الأجهزة والمستلزمات الطبية الواجب توفرها وذكر مواصفاتها الدقيقة ايضا. داعيا: المختصين في مجال الصيدلة إلى ضرورة التعامل الجاد مع عملية تقدير الحاجة وعدم اعتبارها مجرد عملية حسابية لأرقام تثبت بطرق عشوائية. لافتا: الى اهمية اعتبارها بيانات رسمية دقيقة تعتمد على قوائم أساسية في مجال استخدامات الأدوية والمستلزمات الطبية وحسب الاحتياج الفعلي للدوائر الصحية مع الأخذ بنظر الاعتبار الكثافة السكانية للمحافظة وعكس ذلك سيكون سوء لتقدير الحاجة.

ورش عمل بعشرات الملايين

الدكتور سعد حسين اختصاص طب المجتمع اوضح بحديثه اـ(المدى) بهذا الخصوص: أن برنامج الرعاية الصحية في العراق والممول من قبل منظمات دولية ينفق سنوياً عشرات الملايين من الدولارت على ورش عمل وندوات في دول الجوار. مبينا: ان اغلبها للأسف تتحول الى سفرات ترفيهية ورحلات تسوق. متسائلة عن جدوى واهمية تلك الورش ان لم تقدم شيئا. داعية الى ضرورة انفاق تلك الأموال على شراء اللقاحات والأدوية للاطفال والنساء الحوامل. كما دعا الى ضرورة العمل على حملات التوعية الصحية خاصة الارياف والقرى.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 1.5 مليون طفل يموتون كل سنة بسبب أمراض يمكن تجنبها باستخدام اللقاحات، ويبقى التحصين الروتيني هو أحد أهم التدخلات الصحية الحكومية العامة والواعدة المتاحة، ولكن بعض المجموعات السكانية، وخاصة تلك الآتية من مناطق النزاعات لا تزال غير قادرة على الوصول للخدمات.

الخاتمة
يرى العديد من المعنين والمختصين في المجال الطبي أن تامين الدواء وتوفير الخدمات العلاجية تعد من الألويات المهمة كالدفاع والأمن الوطني، وعليه يجب ان تتخذ الحكومة مجموعة من الاجراءات الكفيلة لتأمين الادوية واللقاحات، فالعديد من دول العالم لاسيما الفقيرة منها تحرص على توفيرها فكيف ببلد نفطي ميزانيته السنوية بالمليارات لكنه يعجز عن توفير مستلزمات الحياة الكريمة للشعب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: