معارك قرب الموصل تكشف ان القوات الامنية تواجه معضلة مسك الارض

هيئة التحرير 2.2K مشاهدات0

 

منذر الطائي

لم يكن مستغربا انسحاب قوات الحشد الوطني من قريتي النواران وباريما شرق مدينة الموصل شمال العراق، فهذا الاسلوب إمتداد لما يحدث منذ أكثر من شهر في الموصل تقدم بطيء للقوات بعد معارك مع تنظيم داعش ثم انسحاب وفي افضل الاحوال توقف بعد تحرير رقعة جغرافية صغيرة.

ما حصل يوم الاثنين 18 نيسان في الموصل بحسب ما اعلنه قائد الحشد الوطني اثيل النجيفي القوات التي نفذت المهمة، الساعة الرابعة والنصف فجرا باشرت قوة من الحشد الوطني وبمستوى سرية بالإغارة على أهدافها المرسومة في قريتي ( النوران ، باريما ) بأسناد جوي للتحالف الدولي ومدفعي للقوات التركية وإسناد قوات البيشمركة، بالساعة السادسة صباحا تمكنت قوة الإغارة من تحقيق أهدافها وبوقت قياسي، تم الاستيلاء على اسلحة ومعدات عسكرية بعد تفتيش القريتين بالكامل وهروب الدواعش منها، بالساعة التاسعة والنصف صباحا تم التعرض على قطعات الحشد من قبل مسلحي داعش المتواجدين في قرية خورسباد وتم الرد عليهم من قبل الحشد الوطني، وتدمير مصادر النيران، بالساعة السابعة والربع مساءً باشرت القوة المهاجمة بالانسحاب الى منطقة الاجتماع ومنها الى معسكر الحشد الوطني بعد إنجاز العملية وتحقيق أهدافها بنجاح باهر.

النجفي اعلن ان العملية أسفرت عن قتل ٦ عناصر من تنظيم واصابة مقاتلين اثنين من الحشد الوطني بجروح طفيفة. في هذا التصريح ورد على لسان النجيفي مصطلح جديد في العمليات العسكرية ضد داعش وخصوصا في نينوى وهو (الإغارة)، دون إعطاء تعريف لهذا المصطلح وماذا يعني في هذه العملية بالتحديد، قبل ان يوضح النجيفي لاحقا ان مفهومه هو الهجوم ثم الانسحاب، لكن عملية مثل هذا النوع من القدرة العسكرية حيث اسناد طيران التحالف الدولي لأكثر من عشر ساعات وقصف مدفعي تركية وتحريك سرية كاملة تنتج عن قتل ستة عناصر من تنظيم داعش فقط؟!، هذا السؤوال الذي يجب أن يطرح لمعرفة جدوى مثل هذه العمليات العسكرية التي تسمى بـ (الإغارة) وتكلفة تنفيذها باهض جدا، ونخشى ان تكون اسلوب عمل للحشد الوطني وباقي صنوف القوات الامنية لتبرير انسحابها.

عملية الانسحاب وتوقيتها مخطط له قبل بدء العملية، هكذا كان رد اثيل النجيفي قائد الحشد الوطني على استفسار المعلقين على صفحته على الفيسبوك عن اسباب انسحاب القوات التي تمكنت من السيطرة على قريتين، فهل يعقل ان يتضمن التخطيط العسكري المسبق عملية الانسحاب، فالانسحاب وفق السياقات العسكرية يكون من اراضي العدو وليس من أراضي تعتقد انها لك.

امريكا التي تقود التحالف الدولي وهي من يخطط ويدير المعارك فعليا ضد داعش في العراق، نعتقد أنها اطلقت ثلاث بالونات من خلال هذه العملية. الاول موجه الى داعش لقياس مدى امكانياتها العسكرية وطبيعة دفاعاتها في هذه المنطقة التي لم تشهد اي عمليات عسكرية فعلية منذ ان توقف التنظيم في هذه الارض في اب 2014، وكشف ان دفاعات التنظيم رخوة في هذه الارض، والعمل العسكري ضده يحتاج للتقدم لمسافة ابعد مما وصلت اليه القوات لضمان اقتراب أكثر من الموصل وتهديده هناك.

البالون الثاني، وهو اختبار مدى كفاءة قوات الحشد الوطني الذي اسسه اثيل النجيفي عندما كان بمنصبه محافظا لنينوى منذ عام واربعة اشهر، ولاول مرة يشارك بعملية عسكرية، ومعرفة مدة الامكانيات القتالية التي يتمتع بها ومدى التزامه بتعليمات التحالف، واثبتت العملية ان عناصر الحشد لديهم امكانية لخوض المعارك البرية نوعا ما، لكنه يفتقر الى قدرة مسك الارض.

البالون الثالث للحكومة العراقية، وهو اذا ما استمرت الازمة السياسية فأن معركة الموصل ستكون مختلفة عن باقي المعارك، وقد تتم بقوات عراقية واجنبية وبمعزل عن القيادات العراقية وتفرد من قبل التحالف الدولي وبادارة امريكية علنية خالصة.

ويمكن الخروج بعدة دروس من هذه العملية وكذلك عمليات جنوب الموصل، اهمها ، هذه العملية اكدت ان القوات العراقية ما عدا جهاز مكافحة الارهاب، لا تزال تفتقر الى المطاولة في الحرب ضد التنظيم وتواجه معضلة مسك الارض والصمود امام الهجمات الارتدادية للتنظيم، وهو ما حصل في مناطق جنوب الموصل من قبل قطعات الفرقة 15 للجيش العراقي.

الدرس الاخر ان اتساع الرقعة الجغرافية لمحافظة نينوى والتعقيدات السياسية والعسكرية تتطلب تدخل بري دولي من التحالف الدولي وربما استدعاء التحالف الاسلامي ايضا، اما بصورة مباشرة من خلال الدخول بمعارك ومواجهة مع التنظيم او بصورة غير مباشرة من خلال الوقوف في الخط الثاني للقوات العراقية المتقدمة.

أن القوات التي تتمكن من تحقيق تقدم فعلي بنتائج قوية في الحرب ضد داعش ويمكن ان تحقق نصرا مستداماً، هي قوات مكافحة الارهاب وكذلك البشمركة التي اثبتت انها تصمد بشكل أكثر في المناطق التي حررتها من اراضي محافظة نينوى.

هذه العملية تؤكد ان القوات المؤهلة لخوض معركة تحرير الموصل هي جهاز مكفاحة الارهاب مدعوم بكتائب دبابات الابرامز كما حصل في مدن اخرى في الانبار ومحافظة صلاح الدين، وقوات البشمركة الكردية كونها الاكثر التزاما وقربا من التحالف الدولي، ووحدات من حشد العشائر والحشد الوطني لمحافظة نينوى باستغلال حماستهم لاسترجاع مناطقهم. اما الجيش العراقي فقد يأتي في المرحلة الثانية من العملية وهي مسك الارض اما المواجهة لوحده مع داعش فاثبت من خلال عملية جنوب الموصل لا يزال غير كفء لمثل هذه المعارك ويتقهقر بمجرد انسحاب الدعم الجوي عنه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: