دولة داخل دولة

هيئة التحرير 2.4K مشاهدات0

   محمد واني
لم تكد الصحوة الاسلامية السنية تعلن عن نفسها في اواخر السبعينات من القرن الماضي وتنتشر الاحزاب السنية السياسية في ارجاء العالم الاسلامي ، حتى ظهرت الصحوة الاسلامية”الشيعية”بالمقابل من خلال الثورة الايرانية ورفع شعار تصدير الثورة الى المجتمعات السنية.
وظهرت مع الصحوتين عشرات بل مئات التنظيمات الارهابية المسلحة عملت القتل والفساد في العالم الاسلامي ، لم يكن حزب الله الشيعي اللبناني يعلن عن ولائه التام لولي الفقيه الايراني ويكشف عن استعداده لتنفيذ سياسة طهران ومخططاتها التوسعية في المنطقة حتى ظهر تنظيم”القاعدة” السني ونصب نفسه وكيلا لاهل السنة ، والدفاع عن الاسلام الحقيقي واستمر الصراع بين الطرفين الاسلاميين.
وتولدت منهما تنظيمات وحركات ارهابية كثيرة ادهشت العالم بعددها الكبير وطريقة قتلها العشوائي للانسان واهدار كرامته ، ومن اشرس هذه الحركات والتنظيمات التي خرجت من رحم تنظيم”القاعدة” ، تنظيم الدولة الاسلامية”داعش”وحركة”النصرة” وغيرها ، بينما خرجت تنظيمات اخرى وميليشيات طائفية من رحم الثورة الايرانية على شاكلة ميليشيا”حزب الله”اللبناني وتقود هذه الميليشيات الجنرال الايراني “قاسم سليماني”.
ومن اشرس هذه الحركات الشيعية ؛قوات بدر وسرايا السلام وعصائب اهل الحق وسرايا الخرساني وغيرها ، ولم تعد هذه الميليشيات والحركات تتفنن في قتل الناس باسم الدفاع عن المذهب والاسلام ، بل تحولت الى عصابات اجرامية تتخصص في القتل وخطف الرهائن وسرقة السيارات والبنوك واقتحام البيوت والمحلات التجارية لادامة اعمالها الارهابية ، ولكن الهدف النهائي لهذه المجاميع المسلحة هو اثارة الفوضى الطائفي والصراع من اجل السلطة والهيمنة على العراق ، وقد خاضت الاحزاب الشيعية والميليشيات التابعة لها (كل حزب سياسي شيعي يمتلك ميليشيا مسلحة او اكثر) حربا طائفية ضروسة عامي 2006 ــ 2007 مع السنة وقتلت مئات الالاف منهم من اجل بسط سلطتها على الدولة وتفريغ بغداد منهم ..
وبعد هذه الحرب استطاعت الاحزاب الشيعية “السياسية”ان تهيمن تماما على مقادير السلطة وتبعد السنة والكرد عن المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد وتقدمت بخطوة اخرى باتجاه تثبيت اركان الدولة من جهاتها الاربع وهي السعي لجمع الميليشيات المسلحة التابعة لها داخل كيان او هيئة حكومية ورسمية مع اضفاء الطابع الديني”المقدس”عليها من اعلى مراجع البلد وهكذا تمت ولادة هيئة(الحشد الشعبي) بفتوى المرجع(علي السيستاني)وبدأت بتشكيل دولة داخل دولة ، باشراف وهيمنة مباشرة من هذه الاحزاب الشيعية التي تحكم الدولتين المتداخلتين معا ؛ الدولة العراقية بجيشها الوطني ومؤسساتها الامنية المعروفة ودولة”الحشد الشعبي”والميليشيات الطائفية المنضوية فيها ..
والدولتان قائمتان على قدم وساق في العراق تديران الحكم وتنسقان الادوار فيما بينهما وهما داخلتان في تحالف طائفي دولي بقيادة الولي الفقيه والجنرال المعين من قبله (قاسم سليماني) ..
هذا هو حال العراقيين في ظل هيمنة النظام السياسي الطائفي الدولي ، بؤس وفقر وتعاسة وموت بطيء ، والقادم سيكون اتعس واسوء ..مع الاسف ، الظلام حالك والمستقبل مجهول ولا يوجد بصيص ضوء على المدى البعيد !
ملاحظة : مقالات الراي في موقع الخلاصة تعبر عن رأي كاتبها

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: