تقرير تشيلكوت: حقائق وارقام .. بريطانيا والحرب على العراق

هيئة التحرير 2K مشاهدات0

سقطت طائرة أميركية فوق مدينة لوكربي الإسكوتلندية عام 1988، مات 259 شخصاً من ركاب الطائرة، وبعد سنوات من التحقيق تنقلت الاتهامات شرقاً وغرباً وفق مصالح الطرف القوي الولايات المتحدة، وقد ألقيت المسؤولية أولاً على منظمة فلسطينية، ثم على سوريا، وبعدها على إيران، وأخيراً توصلت الاستنتاجات والتحقيقات إلى اتهام ليبيا.

بعد 15 عاماً من التحقيق والحصار المكثف على ليبيا، دفعت ليبيا أكثر من 207 مليارات دولار كتعويضات إلى أسر الضحايا وتعلن مسؤوليتها عن أعمال موظفيها الاثنين الذين اتهمتهما أميركا بتفجير الطائرة، وهذا ما تم فعلاً!

لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق، المعروفة بلجنة تشيلكوت نسبة إلى رئيسها القاضي السابق السير جون تشيلكوت، أعلنت بعد نحو 7 سنوات من الانتظار الأربعاء السادس من يوليو/تموز 2016 الذي تزامن مع احتفال المسلمين بعيد الفطر تقريرها بشأن تقييم قرار رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير المشاركة إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في عهد جورج بوش الابن في غزو العراق، والإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

 

تقرير تشيلكوت المكون من أكثر من مليوني ونصف المليون كلمة وبلغ إجمالي كلفته على مدى 7 سنوات أكثر من 10 ملايين جنيه إسترليني (نحو 13.5 مليون دولار) واعتمد مضمونه على نحو 150 شاهداً من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين البريطانيين، كان بلير على رأسهم وكذلك خلفه براون.

من يقرأ ملخص تقرير تشيلكوت بتمعّن وهدوء سيكتشف أن التقرير وعمل اللجنة تركز بالشكل الأساس على دراسة سياسة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وعائلات الجنود الذين قتلوا بالعراق، والجيش والاستخبارات وحزب العمال والبرلمان، والعلاقات بين لندن وواشنطن ولم يركز إطلاقاً على عدد قتلى الشعب العراقي الذي سيصل الى مليون قتيل منذ عام 2003 الى الآن، وبالتأكيد عدد المصابين أكبر عدة مرات من عدد القتلى وعدد اللاجئين العراقيين الذي تجاوز عددهم أكثر من 5 ملايين لاجئ ومهجّر سواء كان داخل العراق أو خارجه، إضافة الى المفقودين منذ عام 2003 بلغ نحو 100 ألف مفقود.

بعد 7 سنوات من التحقيق في بريطانيا وأكثر من 13 سنة من الحرب والدمار في العراق خلص التقرير إلى أن بريطانيا اعتمدت على معلومات استخباراتية مغلوطة وغير دقيقة ولم تستنفد الخيارات السلمية قبل غزو العراق، وذكر أن العمل العسكري "ربما كان ضرورياً"، لكن عند اتخاذ قرار الغزو لم يكن نظام صدام حسين يشكل تهديداً، وكان بالإمكان اتباع خطة دبلوماسية تستمر لبعض الوقت لتدبير الملف، كما أن غزو العراق وسّع نشاط تنظيم القاعدة في بريطانيا.

تقرير تشيلكوت أوضح بشكل صريح أن سياسة بريطانيا بشأن العراق وضعت على أساس معلومات مخابرات وتقييمات مغلوطة وبعيدة عن الواقع، لكن ما الفائدة التي سيجنيها المواطن العراقي من هذا الصحوة البريطانية المتأخرة؟

أثبت تقرير تشيلكوت أن بريطانيا دمرت العراق ومن قبل اعترفت بتمزيق الشرق الأوسط وأن العالم تحركه المصلحة وتحكمه القوة.

لا قيمة ملموسة على أرض الواقع لتقرير تشيلكوت طالما لم يركز على التحديات التي واجهها الشعب العراقي منذ عام 2003 والتي سيواجهها ويعاني منها كون المأزق الذي يعيشه العراق لا يزال بلا نهاية.

غزو العراق جاء في فترة جنون ما بعد أحداث سبتمبر/أيلول، حيث كانت لا تزال الدول الغربية في حالة صدمة شديدة وتنتظر أي حجة أو إشارة للانتقام.

لماذا لم يتم إسقاط نظام صدام حسين بعد استخدامه الأسلحة الكيمياوية في نهاية الثمانينات بمجزرة الأنفال شمال العراق ضد الكرد، أو عندما غزا الكويت بداية التسعينات، ألم تكن هذه الأفعال وقتها متسرعة وتشكل تهديداً على المنطقة والعالم أجمع؟!

العراق بحاجة الى تقرير تشيلكوت لإنصافه وليس للاصطياد بالماء العكر على حساب غزوه.

العراق بحاجة لمعرفة من قتل أبناءه وسرق أمواله وسلم قراره السيادي الى الدول المجاوره له.

العراق بحاجة لمعرفة من صنع داعش والميليشيات التي ابتلعت نصف العراق وعسكرة نصفه الآخر وحطمت آثاره ودمرت تراثه وسلبت بريق لقبه "العظيم" الذي عرف العراق به.

لم تكن حادثة لوكربي التي تم ذكرها في بداية المقالة إلا شاهداً بسيطاً للمقارنة بين أهمية الدم الغربي ورخص الدم العربي

المصدر : مصطفى الحديثي – هافنغتون بوست

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: