بالصور || واشنطن بوست تكشف الستار عن سجون داعش في الفلوجة

هيئة التحرير 2.8K مشاهدات0

 

كشفت صحيفة أميركية، عن عثور القوات الأمنية العراقية على سجون سرية أقامها (داعش) في بيوت وسط الأحياء السكنية للمدينة خشية استهدافها بغارات التحالف الدولي والطيران الحربي العراقي، مبينة أنها تعكس جانبا من "وحشية" التنظيم ومدى معاناة الأهالي من جراء تصرفاته.


وقالت صحيفة الواشنطن بوست The Washington Post  الأميركية، في تقرير لها اليوم، إن "داعش حول ثلاثة بيوت متجاورة في إحدى المناطق السكنية بالفلوجة إلى سجن كبير حيث يحتجز فيها ضحاياه ويمارس ضدهم شتى أنواع التعذيب فضلاً عن قيامه بإعدام من بقي منهم قبيل تمكن القوات العراقية من تحرير المدينة".

 

من الخارج ليس هنالك ما يميز تلك المنازل الثلاثة المتجاورة في هذا الحي السكني من مدينة الفلوجة العراقية عن سواها. أحدها أكبر وأبهى مظهراً من معظم البيوت الاخرى، مزين مدخله على الجانبين بعمودين مرتفعين، أما المنزلان الآخران فمتواضعان لا يلفتان النظر بلونهما البني الفاتح كسائر بيوت هذه المدينة التي بقيت تحت سيطرة «داعش» طيلة سنتين ونصف مضت.  
عقوبات عفا عليها الزمن

ولكن خلف الباب الأمامي ينفتح سجن كان الارهابيون يستخدمونه في تنفيذ عقوباتهم التي عفا عليها الزمن. هذا السجن يفتح نافذة مروعة يطل المرء منها على القوانين الوحشية التي كانت تدار بها هذه المدينة قبل تحريرها .. لمحات من نظام الاعدامات والجلد والتعذيب.


كانت الفلوجة هي مستقر الكثير من قادة «داعش» اصلاً، لذا كانت اول مدينة تسقط في ايدي التنظيم لتكون قطب الرحى في سائر عملياتها داخل العراق، وهذا السجن هو بعض بقايا ما يسمى «دولة الخلافة» التي تركها مجرمو «داعش» وراءهم بعد أن مات قسم منهم وفر الباقون، وها هي حقائقها تتكشف شيئاً فشيئاً متيحة للقوات العراقية فرصة الاطلاع المباشر على آليات العمل الداخلية التي كانت تطبقها الجماعة الاجرامية هنا.


خلال تقدمها الحذر في الشهر الماضي وفرض سيطرتها على المباني تباعاً وهي تستعيد المدينة كانت القوات الامنية تكتشف بالتدريج مشاغل لإنتاج القنابل ووثائق ومخزونات سلاح وسجوناً مثل هذا السجن، معظمها مخبأ في بيوت عادية لتفادي الضربات الجوية.

أنفاس المسجونين

يشير العقيد هيثم غازي، وهو ضابط استخابرات من فرقة الرد السريع التابعة للشرطة العراقية (سوات)، بيده الى غرفة تقع خلف باب من القضبان في احد المباني الصغيرة ويقول: «بإمكانك أن تشعر بأنفاس من كانوا مسجونين في هذا المكان.»لعل الغرفة كانت في الاصل غرفة جلوس، بيد أن هواءها اليوم خانق مثقل برائحة حادة تزكم الانوف هي رائحة عرق من كانوا يقبعون هنا. 
الضوء في الخارج ساطع يبهر النظر، ولكن نوافذ المكان غطيت بصفائح معدنية. وعلى هدى الضوء الضعيف المتسلل تتكشف على الارض المغطاة بالسجاد عشرات الاكوام المرمية، بعضها اغطية سرير .. وبعضها ستائر .. وقطع ملابس كورت مع بعضها كي تستخدم وسائد. هناك عشرات من هذه الاكوام تشي بحقيقة عدد من كانوا يحتجزون هنا ذات يوم.جدران الرواق الخارجي عليها اثار حريق، وتقول قوات الأمن العراقية انها وجدت المكان على هذه الحال عند وصولها.
في أعلى السلم الحديدي الدائر تقع غرف علوية لا تزال تحوي بعض ملابس العائلة التي كانت تسكن المنزل وشيئا من ممتلكاتها، اشياء متناثرة على الارض وفوق الاسرة.

 تهم مختلفة 

يقول العقيد هيثم، الذي عثرت قواته على هذا السجن: ان الاوراق التي وجدت في هذا المنزل تكشف أن كثيرا من الناس كانوا يسجنون هنا جراء نزاعات بينهم تدخلت في حلها محاكم التنظيم، ولكن البعض الآخر كان يسجن بعد ادانته بالسرقة أو بسبب مخالفات تافهة مثل التدخين أو خرق ضوابط اللباس الصارمة.يقول اللواء ثامر اسماعيل، وهو اعلى قائد في قوات الرد السريع: ان القوات العراقية وضعت يدها على ما يصفه بـ «كنز من المعلومات» عن الجماعة التي كانت في الفلوجة. فمن هنا كانت «داعش» توجه عمليات سياراتها المفخخة نحو بغداد وتدير عمليات تصل الى مناطق في سوريا. 

سجن ثانٍ

يضيف اللواء ثامر أن قواته عثرت على سجن ثانٍ في حي نزال بالفلوجة، ولكنه اصغر سعة من هذا الواقع في حي المعلمين والذي سيطرت عليه القوات العراقية مؤخراً. يمضي اللواء قائلاً: «أنا واثق أن هناك مزيدا من السجون.»
في الخارج توجد فتحة اصطنعت في جدار الحديقة لكي تسمح للسجانين بالتحرك من بيت الى بيت دون الحاجة للخروج الى الشارع حيث يمكن أن تكشفهم الطائرات من الجو. وعند المدخل المبلط بالمرمر، الذي يفضي الى غرفة الاستقبال الرئيسة، ثبتت صفيحة حديدية باللحام، وهي اول اشارة تنم عن أن هذا المنزل ليس مجرد منزل عادي. تلي ذلك باب سجن مزود بقضبان حديدية ينفذ الداخل منه الى الغرفة ومنها الى غرفة ثانية عبر فتحة في الجدار لتشكل الغرفتان معاً قاعة احتجاز واسعة. على النوافذ هناك مشبكات مثبتة وقضبان، وعلى الارض تتناثر بطانيات وستائر وبعض حبات التمر، الذي تعتقد قوات الامن انه كان يقدم طعاماً للمسجونين. هذه القاعات افضل تهوية ربما لأن مخالفات المسجونين فيها كانت اهون شأناً.
يقول العقيد هيثم: «سوف يأتيك الأسوأ، فهؤلاء لا يملكون شيئاً من صفات البشر.»

سجن انفرادي

البيت الثالث على ما يبدو كان مخصصاً للعقوبات الشديدة، للحجز الانفرادي والتعذيب. من سياج السلم كانت تتدلى سلسلة معدنية سوداء اللون تنتهي بخطاف وتتصل برافعة. يقول العقيد: «كانوا يعلقونهم هنا من ارجلهم ويضربونهم. وكذلك هناك.» مشيراً الى خطاف تعليق ثان مثبت في نهاية حبل معدني.اما غرف النوم في الطابق العلوي فقد أحيلت الى زنزانات للحجز الانفرادي. احدى تلك الغرف كانت تحتوي على خمس زنزانات من هذا النوع، يبلغ عمق الزنزانة منها بضعة اقدام وعرضها نحو قدم ونصف. اما الابواب والجدران فقد كانت كلها من المعدن الاصم وليس فيها سوى ثقوب في الاعلى للتهوية.يقول العقيد هيثم متسائلاً: «ترى كيف كانوا يستطيعون التنفس هنا في مثل هذا الحر؟» الغرفة الثانية كانت تضم خمس زنزانات أخرى ولكنها اكبر من سابقاتها بقليل.يقول العقيد هيثم ان هذا السجن كان خاوياً حين وصلت اليه القوات العراقية وهو لا يعرف شيئاً عما حل بمن كانوا فيه، اللهم إلا البعض القليل منهم الذين يبدو أنهم قد اعدموا على عجل حين تقدمت القوات العراقية وأوشكت على أخذ المكان.

جثث متفسخة

لم يكن العثور على جثث هؤلاء الذين تحدث عنهم العقيد في المدرسة الواقعة على الجانب المقابل من الشارع أمراً صعباً بسبب رائحة تفسخ اللحم المنبعثة منها. فهناك، في ساحة صغيرة، كدست الجثث داخل حفرة في الارض. يقول العقيد هيثم ان هناك سبع جثث على الاقل، ثم يمضي مضيفاً أن الاحتمال قائم بوجود مواقع اعدام اخرى في المنطقة المحيطة بالسجن.بدت الاجسام ذاوية مهزولة وجلودها مسودّة اللون إذ تركت لتتفسخ في حرارة الشمس. وكانت هناك عصابات حمراء تغطي العيون.الجثة التي تعلو باقي الجثث كانت لرجل يرتدي سروالاً رياضياً وقميصا ممزقاً. منخراه منتفخان ومن فمه المفتوح برزت قبضة مقص، فقبل أن يفر السجانون من هذا المكان أقدموا على غرس نصلي المقص في حلق هذا الرجل لكي يبقى شاهداً على آخر فعل همجي ارادوا تركه وراءهم.

المصدر : واشنطن بوست

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: