حزب الدعوة .. وتفكيك السلطة في العراق

هيئة التحرير 1.9K مشاهدات0

كتب فاروق يوسف: لا حزب الدعوة الإسلامي الحاكم في العراق يخفي تبعيته لإيران ولا إيران ترغب في أن يحكم ذلك الحزب العراق مستقلا عن ارادتها. 
 من يقول غير ذلك فإنه يضلل نفسه أو يكذب بوقاحة غير أن العراقيين وهم يعرفون تلك الحقيقة تكمن في أنهم يراهنون على أوهام وطنية لا وجود لها على أرض الواقع. كأن يُقال إن هناك اتجاها عروبيا داخل حزب الدعوة لا يميل إلى الخضوع لإيران، وهو اتجاه يجد مصلحته  في أن يشق الحزب طريقه بعيدا عن الاملاءات الإيرانية.

وكما أثبتت الوقائع فإن ذلك الرهان كان خاسرا منذ البداية. فقيادات حزب الدعوة لا تنتظر أن يملي عليها الولي الفقيه تعاليمه بل هي التي تسبق الولي الفقيه إلى التقاط تلك التعاليم قبل أن يقولها لا يشكل ذلك السلوك المتهافت نوعا من الوفاء لمرجعية دينية بقدر ما يعبر عن انتهازية سياسية، تجيد تصريف القيم الدينية وفق منظور طائفي، يعلي من شأن الطائفة على كل شيء سواها، ولن يكون الوطن استثناء في مثل تلك الحالة.


لقد سبق لنوري المالكي أن صرح بالقول إنه شيعي أولاً، وهو ما يعني أنه يقدم ولاءه للطائفة على ولائه للوطن. هذا إذا كان الوطن موجودا في قاموس الحزب الذي يقوده المالكي بعصبية طائفية نادرة المثيل. 
من المؤكد أن مقولة الخميني "الإسلام وطننا" هي الخلاصة التي يمكن من خلالها فهم علاقة الاسلامويين بأوطانهم التي يعتبرونها مجرد كيانات سياسية ملفقة، لا قيمة لها مقارنة بالكيان التجريدي الذي تطرحه النظرية الدينية. 
عبر سنوات حكمه في العراق التي تجاوزت العشر لم يطرح حزب الدعوة مشروعا وطنيا، بل فعل العكس تماما حين مارس شتى صنوف العزل والتهميش والاضطهاد والتمييز في حق العراقيين في المحافظات ذات الأغلبية السنية من أجل أن يدفعهم إلى الاعتراف بلا جدوى اصرارهم على أن يبقى العراق موحدا ومن أجل أن يستسلموا إلى قدر الأقاليم الذي قاوموه باعتباره الخطوة التي تمهد للتقسيم.
وقد لا يصدق الكثيرون نظرية أن داعش ما كان لها أن تجد لها موطئ قدم على أرض العراق وبالأخص في المناطق السنية التي عرفت تاريخيا بأنفتها الوطنية لولا وجود حزب الدعوة في الحكم. 
ربما خدم ظهور داعش التقنية التي اعتمدها حزب الدعوة في تمزيق القيم الوطنية والحط من شأنها، غير ان تلك التقنية ما كان لها أن تكون فتاكة إلى الدرجة التي انتهت إليها لولا انسحاب الجيش العراقي من الموصل والمحافظات الآخرى ليحتلها داعش من غير قتال. وهي مؤامرة أدارها حزب الدعوة بطريقة لا تخلو من الفضائحية المذلة.
حينها تزامن إذلال الجيش العراقي مع وضع مصائر العراقيين بيد التنظيم الإرهابي الذي سيكمل نهج حزب الدعوة في العزل والقسر والمصادرة والانتهاك.
لم يشكل الأكراد مشكلة لحزب الدعوة في مسعاه للهروب بإقليم شيعي إلى إيران فهم دعاة انفصال ولديهم اليوم كل المقومات التي تعينهم على إعلان دولتهم. 
كانت مشكلة الحزب المذكور مع العرب السنة الذين برمجوا حياتهم باعتبارها نوعا من الشراكة مع مواطني العراق الآخرين من العرب الشيعة. وهو ما كان ولا يزال يقض مضاجع قيادات حزب الدعوة. 
في هذا السياق يمكننا أن نفهم التصريح الذي أدلت به احدى ممثلات حزب الدعوة في البرلمان والذي نص على ضرورة الانتهاء بعد معركة الفلوجة من مشكلة كان العراق الموحد عنوانها. حسب تلك النائبة "لا شيء يجمعنا بهم" وهي تقصد سكان المناطق المنكوبة بداعش والحشد الشعبي. 
ما يخطط له حزب الدعوة صار واضحا وصريحا في أهدافه. وهو يتطابق تماما مع ما تريده ايران. ما من شيء اسمه العراق.

المصدر : كتابات

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: