كوردستان العراق : والدعوة الى تقرير المصير

هيئة التحرير 2.1K مشاهدات0

أعاد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، في تصريحات له، الأربعاء، الحديث عن الاستقلال ، موضحا عزم الإقليم تقرير مصيره إما بالإبقاء على الشراكة مع العراق، أو بانفصاله وإعلان دولة مستقلة.

وقال في تصريحات صحفية، تناقلتها المواقع المحلية، إنه في حال تقرر الانفصال من خلال إجراء السلطات الكردية “استفتاء تقرير المصير”، فستكون “جارا جيدا للعراق”، لكنه لم يحدد تاريخا محددا لذلك.

وتثير هذه التصريحات تساؤلات عدة، أبرزها التأثير السياسي على كل من الأكراد والعراق في حال تقرر الانفصال، وما هي أبعاد هذا الموضوع وتحدياته، ومدى واقعيته وجديته؟

وتعليقا على هذا الموضوع، قال النائب العراقي عن ائتلاف دولة القانون، جاسم محمد جعفر، في حديثه “، الأربعاء، إن حديث بارزاني عن الانفصال “غير جدي” في الوقت الحالي، معتبرا أنه جاء في سياق “مبالغة سياسية”، معللا ذلك بالقول إن الأرضية والظروف الحالية غير متوفرة لذلك، إلى جانب ظروف أخرى تجعل من طرح مشروع انفصال الأكراد لا يتجاوز “الدعاية السياسية”.

وأوضح أن هناك خلافات سياسية بين أكراد العراق داخل الإقليم وخارجه، إلى جانب دورهم المعروف في سوريا والعراق في قتال تنظيم الدولة، بالإضافة إلى العلاقة المتوترة مع الـ”بي كي كي”، وأكراد سوريا، والمشكلات الاقتصادية، مشيرا إلى أن موضوع الانفصال ليس هو أولويتهم في الوقت الحالي.

وأضاف أن أمريكا وأصدقاء الأكراد في المنطقة ما زالوا يرفضون تقسيم العراق إلى أقاليم منفصلة.

ولكنه لفت إلى أن الإقليم الكردي يتحدث الآن كدولة مستقلة، موضحا أنه بعيدا عن الدستور والأطر القانونية، فإن الواقع يعكس أننا نرى الإقليم وكأنه دولة داخل دولة.

ووافق ما ذهب إليه جعفر، النائب العراقي الكردي ريبوار طه، إذ قال  إن الدعوة إلى الانفصال “غير جدية”، فهناك خطوات حقيقية عملية يجب تحقيقها قبل الحديث عن انفصال الإقليم وإعلانه دولة.

وأشار أولا إلى أن هذا الأمر مرده ليس لجهة واحدة، ليتم إقراره، لافتا إلى أن من حق الشعب الكردي أن يقرر مصيره، ولكن عن طريق الاستفتاء، يشارك فيه جميع الأحزاب الكردي، بعد موافقتهم.

وقال النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني، إنه لا بد أن تكون هناك خطوات جدية تسبق إجراء الاستفتاء، فالبرلمان المحلي معطل، وهناك توتر سياسي بين الأحزاب الكردية، وتحديات اقتصادية، “فلأكثر من سنة، لا يوجد خط اقتصادي بين بغداد وأربيل”، مشددا على أن الخطوة الأشد إلحاحا هي ترميم البيت الداخلي.

هل يملك الإقليم مقومات الدولة؟

من جانبه، ناقش المحلل السياسي الكردي، فرهاد مصطفى،  واقعية طرح انفصال الإقليم، إذ قال إن إقليم كردستان يمتلك مقومات الدولة القائمة بحد ذاتها، من أرض وشعب ومؤسسات وموارد.

وأشار إلى أن كردستان العراق يمتلك الخبرة أيضا في إدارة دولة منفصلة عن العراق، لأنه واقعيا، لا يربطه شيء بالعراق في الوقت الحالي سوى اسمه وميزانيته المالية.

ولفت إلى أن الإقليم يستطيع مستقبلا الاعتماد على نفسه من خلال ثرواته النفطية التي تصدر حاليا عبر تركيا، مشيرا إلى أنه يدير نفسه من عام 1991 عندما استطاع أن يؤسس حكما ذاتيا.

ويمتلك الإقليم برلمانا خاصا به ووزارات وجيشا وأجهزة أمنية خاصة به، وممثلات دبلوماسية وقنصليات في معظم دول العالم، بالإضافة إلى علاقاته الوطيدة مع الدول العظمى.

ولكن، تعليقا على جدية الذهاب نحو الانفصال، قال مصطفى، إنه “من الصعب حاليا أن ينفصل الإقليم ليصبح دولة قائمة بحد ذاتها بعيدا، لأن جيران العراق المحيطين بالإقليم وهم تركيا وإيران وسوريا قبل الثورة، غير راضين عن انفصاله، لأنه يهدد بمطالبات مماثلة للكرد المتواجدون على أراضيهم، ولا يمكن لأي دولة أن تفرط بجزء من أراضيها”.

وكان رئيس إقليم كردستان البارزاني، قال إن اتفاقية “سايكس بيكو” ماتت، و”نحن من نقرر مصيرنا”، في أن نبقى على الشراكة مع العراق أم لا.

وشدد البارزاني في رسالة بمناسبة إعلان اتفاقية سايكس بيكو قبل 100 سنة شرح فيها أنه ماض بالإقليم إلى الاستفتاء، غير مبال بمواقف الأطراف السياسية جميعها، قائلا: “إذا أرادت الأحزاب السياسية بذرائع مختلفة التهرب من المسؤولية في هذه الفرصة التاريخية، فإن الشعب سيصدر قراره، وإن قرار الشعب أقوى وأكثر شرعية من أي قرار آخر، وبالتأكيد فإن الشعب سيصدر قراره”.

وتابع: “في هذا الوضع الصعب، فإن أمام جميع الأطراف فرصة تاريخية لمنع الكوارث والمعاناة وعدم تكرار تجارب الماضي، أطالب في الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو، ببدء حوار جاد بين إقليم كردستان وبغداد للتوصل إلى حلّ جديد”.

وأضاف أن “نتيجة هذه الاتفاقية كانت مأساوية لشعب كردستان، في إطار الدولة العراقية بالمقام الأول، ففي الدولة التي شكلت على أساس الشراكة بين القوميتين الرئيستين، وهي الكردية والعربية، تم تجاهل الشراكة، وتم إيقاع أكبر مأساة وظلم وإجحاف على شعب كردستان، من قبل الحكومات والأنظمة العراقية المتلاحقة”، وفق قوله.

وختم البارزاني بالقول: “عمليا العراق مقسم الآن، والطائفية هي من تشكل خطوط هذا التقسيم، لقد خرق داعش الحدود وأنشأ أخرى جديدة في العراق وسوريا والكثير من البلدان، وشعب كردستان غير مسؤول بأي شكل من الأشكال عن الوضع الحالي في العراق، فالمسؤولية عن هذا الوضع تقع على كاهل من قسموا المنطقة، قبل مئة سنة من الآن، وكذلك على السياسات الخاطئة لحكام المنطقة وبغداد، الذين حاولوا إرساء الاستقرار بقوة السلاح والقهر، ولم ينجحوا في ذلك”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: